صادفت يوم أمس الجمعة، الذكرى الـ29 لرحيل الشاعر والفيلسوف الفلسطيني عبد اللطيف عقل، أحد أبرز أعمدة الثقافة الفلسطينية ورواد إلهامها.
رحل عقل في السادس والعشرين من آب عام 1993 بعد أن أثرى المكتبة الفلسطينية والعربية بدواوينه الشعرية ونصوصه المسرحية الهادفة، التي غلب عليها الطابع السياسي والاجتماعي.
كان الشاعر عبد اللطيف عقل يكتب من وحي شعوره الإنساني بالطبيعة الريفية الفلسطينية، التي وصفها في أغلب دواوينه الشعرية، فكانت كلماته من الأرض وللوطن.
عام 2014 صدر عن بيت الشعر الفلسطيني بالتعاون مع الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين 'الآثار الشعرية' للشاعر الراحل عبد اللطيف عقل في مجلدين.
وقد ضم المجلّد الأول الذي جاء في (500) صفحة من القطع الكبيرة المجموعات الشعرية التالية: شواطئ القمر (1964)، وأغاني القمة والقاع (1972)، وهي أو الموت (1973)، وقصائد عن حب لا يعرف الرحمة (1975)، وضم المجلد الثاني الذي جاء في (430) صفحة: الأطفال يطاردون الجراد (1976)، وحوارية الحزن الواحد (1985)، والحسن بن زريق ما زال يرحل (1986)، وبيان العار والرجوع (1992)، والتوبة عن التوبة (2006).
وجاء في تقديم الأعمال الشعرية "عبد اللطيف عقل، شاعر السقيفة وناي الأرض المحتلة": 'السراج الشعري الدامع وناي الأرض، إنه أبو الطيّب الفلسطيني، المحسَّد البريّ الوعر والرقيق كموج البحر، بلحية ثلجية كثّة ورأس أشيب شاكل لبدة الأسد، مربوع القامة، بنظارة تلازم باصرتيه الشاسعتين، إنه المبدع اليتيم والغريب الصلب المتمرّد عبد اللطيف عقل.. ينهض قولة عالياً وشجراً محارباً ومواويل لافحة بحجم صمودنا العَفِيْ والكلام العَلِيْ...'.
ولد الشاعر عبد اللطيف عقل في بلدة دير استيا شمال مدينة سلفيت عام 1942، ودرس في جامعة دمشق ومن ثم سافر إلى الولايات المتحدة ونال درجة الدكتوراه من جامعة هيوستن في الطب النفسي، عمل أستاذا في عدة جامعات فلسطينية.
للشاعر الراحل عشرة دواوين شعرية وستة نصوص مسرحية من أهمها: "البلاد طلبت أهلها"، "العرس"، "المفتاح "، وصدرت مجموعة من مقالاته في كتابين: "سر العصفور الأزرق.. كالدم"، و"السلام عليكم"، كما أصدر كتابين في الحقل الأكاديمي: "علم النفس الاجتماعي"، و"الإهدار التربوي"، ومن مجموعاته الشعرية: "شواطئ القمر"، و"أغاني القمة والقاع"، و "هي أو الموت"، و"قصائد عن حب لا يعرف الرحمة"، وغيرها الكثير.
أسس عقل مركز السراج للثقافة والفنون والمسرح، وحصل على عدد من الجوائز في علم النفس الاجتماعي والمسرحية.
الاتحاد العام للكتّاب والأدباء: المفكر عبد اللطيف عقل.. سراج الأرض المحتلة
وأصدر الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين بيانًا في الذكرى الـ 29 على رحيل الأديب والمفكر عبداللطيف عقل، جاء فيه: "تتكلم الجبالُ فتصغي سحابات السنين على هداة الحزن إن تمكن من العشاق لحظة وداعٍ، وتبدو الأودية أكثر انخفاضًا قرب منحنيات الغياب، إن رصد الفراغ جلال عرشه بعد رحيل موجع، هذا ما نعيشه في كل سنة على إيقاع رحيل المفكر والأديب الأريب عبد اللطيف عقل، حيث كان فكانت الجبال أرتفاعًا سامقًا للفكر والكلمة، وكانت العبارة وجودًا يعزز الأمل على ناي الواقع المضطرب.
شكل عقل مدرسة خاصة في استدراج الوعي الجمعي على مبدأ الإخلاص لوجود يستحقه الشعب الفلسطيني، فكان الشاعر الفنان، والمسرحي الدؤوب لاصطياد الدواء لوجع يمشي على عكازين من تضليل، في بلد مبتلى بالاحتلال المتسع على توطئة صاعدة إلى أقصى درجات الإنحراف المكشوف أمام الجريمة البشعة، والمستمرة بخرس ظالم، فكان المفتاح أول المسرح في أعمال عقل، أو أول صرخة بوجه المنفى والشتات، وأول الطريق لعودة الرياح إلى رؤوس النخيل في الأماكن الضاربة باليقين، لعرس يمد أمانيه على ساقية لها بريق الصابرين وأقدام على جمر المشتهى.
عبد اللطيف عقل خطاط الفكرة على أكثر من احتمال لتحدٍ غير مبتور في توصيف البقاء فوق التراب الوطني لأن النقيض موت فقال لردع الصقيع رغم جسور الضوء (وهي أو الموت)، نذكره بعد تسع وعشرين سنة كما تذكر الشمسُ ظلال المتعبين كل صباح، ولم نكن له مع النسيان يومًا رغم تسمين الأزمات فراخها الكثيرة في ميادين الواقع الفسيح.
وإن غاب الجسد عن النظر، تبقى الروح في البصيرة، سراجًا منيرًا وقبس من أنوار لا تجد لعسر طافح مبررًا لتراجع الوفاء لعبد اللطيف عقل، بل هو الدائم كرمح الضوء في قاع السماء المعتمة، وهو الحاضر بفكره وصادق انتمائه، وفسيح إبداعه على فسطاط الحلم الذي لا بد منه.
لعبد اللطيف عقل، أشجار تنتظر طيورها، لتطمئن روحه على شعب ناضل من أجله، وتعب في طريق الدفاع عن حقوقه، هو الأجدر بالذكرى لا لشيء سوى لأنه اسمًا من دم ولحم يختصر الحق المبين بالأجدر تضحية فلسطين. وعلى عهد منا أن نبقي له من الحافظين لذكراه ونهجه الحصين".