رضوانيات .....الحلقة الثالثة عشرة ....... المغفلون"...

بقلم: رضوان عبد الله

رضوان عبد الله.jpg
  • بقلم الكاتب والاديب العربي الفلسطيني -  سفير الاعلام العربي عن دولة فلسطين ، الاعلامي د. رضوان عبد الله 

 
   من لم يقرأ رواية (المغفلة)، للروائي الروسي الشهير انطوان تشيخوف،لا يكون قد قرأ شيئا من الادب الروسي وربما من الادبين العربي والعالمي. اما ((النمر في اليوم العاشر))، للاديب العربي السوري زكريا تامر، حيث اضطر ذلك الحيوان من ذوي اكلة اللحوم ان يأكل اعشابا ويغير كل مذاق حياته من ناحية الطعام وتوابعه، من لم يقرأ هذه الرواية القصيرة والمعبرة لا يكون قد مر على معظم الروايات العربية الهادفة وذات المغزى الرفيع المستوى.
   طبعا لا يتسع الوقت هنا لاستعراض الروايتين، فكل واحدة منهما بحاجة الى صفحات لاستعراضها و اعطائها حقها الكبير بالنقاش وفهم المغازي والاهداف ومتابعة الاحداث والشعور بالالام،ان كان على مستوى الشخصية(المغفلة) في رواية تشيخوف حيث لم تتذمر ولم تعترض تلك المغفلة على ما حصل لها ومعها،او على مستوى النمر الذي تم تدجينه واجبر ان يأكل الحشيش بدل اللحوم والفرائس التي تناسب نوعه الحيواني الآكل للحوم وليس من ذوي اكلة الاعشاب

وهنا اتذكر ما حصل مع احد زملائنا المدرسين ، الذي كان يؤدي واجبه المهني في احدى مدارس لبنان متعاقدا ، وكان عقده يتوجب على ادارة المدرسة ، و مديرها تحديدا ، ان يحاسبه شهريا على عدد ساعات عمله التي اتم قيام واجبه بها وحسب الجدول الذي كان متفقا عليه ،وكان الطرفين يعملان على تسجيل الحضور اليومي وعدد الساعات شهريا، ويتم مراجعتهن من كلا الطرفين كل اخر شهر كي يتم الدفع للمدرس المتعاقد مع تلك المدرسة الاعدادية،وان كان هناك اي فرق فلا مشكلة بذلك ويتم اضافتهم الى جدول الشهر المقبل كي يتم تسديدها من ادارة المدرسة دونما اية اشكال.
   ومع انتهاء العام الدراسي تم مراجعة اخر جدول شهري كي يتم محاسبة ذلك الزميل ، واعطائه مستحقاته النهائية من قبل ادارة المدرسة، وبعد مراجعة الجداول كلها كي لا يكون هناك اي خطأ او متوجبات واستحقاقات متراكمة للمدرس ،فوجي المدرس ان المتوجبات المالية التي يستحقها ناقصة نحو 300 الف ليرة لبنانية،اي تقريبا ما يعادل ثلثي متوجبات اخر شهر .
وفي الموعد المحدد حضر المدرس وفعلا التقى بالمدير الذي كان مناوبا في ذلك اليوم ويعمل على اتمام امور خاصة بمدرسته. وبعد التحية و السلام ،وبعض الملاطفة وحلو الكلام،اجلس المدير ذلك المدرس واكد عليه ان الحساب الذي وصله من قبل ادارة المدرسة لا لبس فيه ، اي انه لا يوجد اي خطا ، وبالتالي فان حقوق المدرس تكون قد وصلته كاملة.
   وحين استفسر المدرس عن عدد الساعات وتابعها مع المدير وجد ان عددها مطابق في كلا الجدولين،الذي مع المدير والذي مع المدرس،وفعلا هناك عدد فائض من الساعات لم يتم دفع مستحقاتها للمدرس،وتساوي المبلغ المنقوص من اجرته،وهنا استوضح المدرس عن الامر،هل هناك مشكلة او حسومات معينة او متوجبات يجب ان ادفعها وبالتالي تم حسمها من معاشي التعاقدي؟ تساءل المدرس مستغربا !!! حيث انه لا يستفيد لا من ضمان صحي ولا من خدمات اجتماعية اخرى لانه يعتبر اجنبيا بحكم قوانين العمل في لبنان،حتى لو لم يكن اجنبيا لكنه غير لبناني وبالتالي لا يحق له الافادة من الضمان الصحي وغير ذلك مما يستفيد منه المدرس اللبناني،زميله بالمهنة. ، وبالتالي يجب الا يتم حسم اية مبالغ من عقده و لا من معاشه التعاقدي الذي هو بدل ساعات وليس معاشا شهريا،حتى لو كان يتم دفع ذلك البدل شهريا.وهنا كانت المفاجأة والطامة الكبيرة حين اجاب المدير على تساؤل المدرس بالقول: لا ،طبعا لا يوجد حسم ضمان ولا غير ذلك،لكن كل ما في الامر ان الاتفاق التعاقدي هو (حساب قايم !!!)، وبالتالي فان الحساب القائم غير الحساب الصافي،وهنا نوضح ان بالتجارة هناك وزن قائم (مثلا كليوغرام قائم من مادة معينة اي وزنه مع المغلف وليس صافيا ، او ما شابه ذلك) فكل حساب قائم لا يتم الدفع كاملا بل يحب العمل على تصفيه ، والدفع فقط لل((وزن الصافي))،
   ونحن في المدرسة لم نصف(ي)معاشك على كل الاشهر وتركناها لنهاية السنة ، وبالتالي يكون حسابك صافيا بعد الحسم الذي هو ليس كثيرا ، فقط هذا كل ما في الامر. ولكن الان واكراما لك ولتعبك معنا سنعطيك 100 الف ليرة كرمى لجهودك ولاخلاصك بالعمل. فضحك المدرس ساخرا مما حصل معه وتناول ما تكرم عليه المدير من (التصفية) للمعاش وغادر ماشيا!!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت