- د. خالد معالي
نظرة سريعة للضفة الغربية، ولحالها واحوالها، وما ستكون عليها من تغيرات وتطورات خلال العام 2023، نخرج باستنتاجات معينة، فكيف يهنأ شعب او يتطور او يتحسن حاله سياسيا او اقتصاديا او امنيا، وهو يرزح تحت احتلال، يزعم انه عاد لارض الاجداد والاباء، في لي عنق صارخ للحقائق، ولمنطق الاشياء والحوادث والصيرورة التاريخية.
منطقيا، من اراد التغيير، عليه ان يعد الخطط والبرامج، ما استطاع الى ذلك سبيلا، وليس الامنيات والعواطف والغيبيات، ومطلوب اصلا ودوما، تواصل الاعداد حتى كنس الاحتلال، والنصر هو من عند الله، وليس من البشر، وقوة العتاد، وان كان مطلب اجباري للنصر، لا بد منه في كل الحالات والاحوال، فأين الاعداد في الضفة؟! قد يقول قائل لا تحتمل ولا تملك القدرة، ويرد عليه آخر: بل تحتمل وتقدر، فمن طرد المحتل من جنوب لبنان وغزة قادر ان يطرده من الضفة.
العام 2023 سيضع القوى السياسية الفلسطينية في مأزق كبير وشديد وسيراكم حدة مآزقها، بسبب تشكيلة حكومة "نتنياهو" الجديدة، ومن يظن أن الضغوط الاقليمية والدولية، ستمنع "بن غفير" من المضي قدما في برامجه وخطواته، فعليه ان يراجع حساباته.
ستتعمق التناقضات الداخلية الفلسطينية، وستبقى القوى والفصائل تراوح مكانها في عام 2023، فلا يوجد معطيات حسية ومادية لتغير الوضع، فكل طرف متمسك برؤيته وبرامجه، والحديث هنا علميا وعن معطيات ملموسة، وليس عن تغييرات امورها بيد الله، لا نعلمها، ولسنا مطالبين بها ولا نحاسب عليها، بل نحاسب عما صنعت ايدينا وفعلت.
صحيح ان المقاومة ستزداد قوتها بفعل جيل الشباب الحالي الذي أغلقت امامه كل الطرق والسبل، ولا يرى بصيص امل في الافق، ولذلك لم يبقى امامه سوى خيار المقاومة، لكن حتى يكون مؤثر بشكل قوي جدا، لا بد من وحدة فلسطينية، بعد ترك "اوسلو " والتزاماته، وهذا لا يبدو قريب، وهو مستبعد ضمن المعطيات الحالية الموجودة اقليميا ودوليا ومحليا، عدا عن الضغوط على هذا الطرف أو ذاك، وهي ليس بالامر الهين.
عمليات المقاومة ستزداد في العام 2023، وقد يزيدها قوة صفقة اسرى- قد تحصل- وسنرى المزيد من المقاومة، ومزيد من بطش الاحتلال، وتراكم الاحداث سيصب في حشر الاحتلال في الزاوية كصيرورة تاريخية، وهذه قراءة سياسية ليست غيبية، بل منطقية وواقعية تسندها وتؤكدها مجريات الاحداث وتصاعدها ، افقيا وعموديا.
سنرى في عام 2023 توسع استيطاني يسبق كل الاعوام التي سبقت منذ عام 1967، فحكومة " نتياهو" مع "بن غفير"حكومة لا تفكر سوى بالاستيطان والطرد والتهجير، والوضع الحالي – فلسطينيا وعربيا ودوليا- مثالي ل "بن غفير" وجرافاته من الان، تعمل بكل قوة في التجريف ولا تتوقف على مدار الساعة بكافة مناطق الضفة الغربية.
متوقع لقطاع غزة مفاجآت لها وعليها، فهي في بؤرة الأحداث، وكثر يعلقون الآمال عليها رغم كونه محاصر، لكن لن يكون هناك حرب طاحنة، لأنه بكل بساطة تغيرت المعادلة في معركة سيف القدس عام 2021، فقصف تل ابيب من قبل غزة ليس بالأمر الهين على الكيان، وقد تحصل جولات فر وكر من باب ان الوضع غير مستقر، وتوجيه رسائل.
اذن هذه هي المعادلة، خاصرة ضعيفة وهي الضفة الغربية، سيعمل جهده "نتياهو " على مواصلة الضرب فيها، فلا يوجد سوى بيانات الشجب والاستنكار في الغالب، وخاصرة قوية بغزة لن يقبل على ضربها، الا ضمن جولات محدودة، واختراقات جوهرية لا يوجد، ما لم يحصل حدث ما غير متوقع، وهو وارد، كون منطقتنا حبلى بالاحداث، وعلى برميل بارود قد ينفجر باي لحظة.
الخلاصة بوضوح، تقول انه على الشعب الفلسطيني وقواه جميعا، وخاصة فتح وحماس كونهما اكبر فصيلين، ان ارادا ان يصنعا التاريخ ويتطورا ويكونوا في موقع التأثير على أرض الواقع ،ان يتوحدا بسرعة ويغتنما الفرصة التاريخية وهذه المحطة الفارقة، فالوقت يمضي سريعا ولا يلتفت للخلف، ولا يلتفت للضعفاء المشتتين، فهل سمعتم يوما ان شعبا تحرر وهو مشتت ومنقسم وتتناطح برامجه، مشعلة التناقضات الداخلية، تاركة خلفها التناقض الرئيس ينعم بالراحة والهدوء؟!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت