تجنب الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى الآن مواجهة علنية حادة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رغم حالة التوتر بينهما، بينما يحاول إظهار معارضته للتعديلات القضائية التي أحدثت هزة في إسرائيل الحليف الوثيق للولايات المتحدة.
وفي الأشهر الثلاثة الماضية، أبدى بايدن وأعضاء كبار في إدارته قلقهم من الخطط الإسرائيلية للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية ومن احتدام العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
لكن أكثر ما أثار قلق البيت الأبيض هو خطة نتنياهو لإدخال تعديلات قضائية تمنح الحكومة سيطرة أكبر على التعيينات في المحكمة العليا. ودفع القرار إسرائيل إلى أزمة داخلية شهدت احتجاجات حاشدة أجبرت نتنياهو على تأجيل خطوة التعديلات يوم الاثنين.
ويقول مساعدون إن بايدن الذي يعرف نتنياهو منذ نحو 40 عاما ناقش الأمر معه في مكالمات هاتفية خاصة لكنه يعبر في العلن عن دعمه لإسرائيل، أقوى حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وقال آرون ديفيد ميلر، محلل شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن "الفرضية الرئيسية للتعامل مع هذه الحكومة الإسرائيلية تتمثل في تجنب أي مواجهة علنية على نحو مستدام مع نتنياهو كلما تيسر لذلك سبيلا".
وأضاف "إنهم لا يريدون نزاعا".
ودأبت الإدارات الأمريكية على توخي الحذر في انتقاد إسرائيل لأسباب منها قوة جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في واشنطن، ودور الدولة كحليف وثيق والدعم الذي تتمتع به بين الأمريكيين العاديين.
ولدى سكان الولايات المتحدة وجهات نظر إيجابية إلى حد كبير تجاه إسرائيل.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جالوب في وقت سابق من هذا الشهر أنه في اتساق مع السنوات السابقة، هناك 68 بالمئة من الأمريكيين نظرتهم إيجابية لإسرائيل في مقابل 26 بالمئة نظرتهم إيجابية للسلطة الفلسطينية.
وجاء بيان البيت الأبيض الذي صدر مساء يوم الأحد ليمثل رمزا لنهج بايدن. فقد حث البيان "القادة الإسرائيليين على إيجاد حل وسط في أقرب وقت ممكن" في غمرة تصاعد الاحتجاجات هناك.
وقال مسؤول كبير في الإدارة "لم نتبع نهج عدم التدخل... نحن نتفهم أن هناك عملية سياسية محلية تأخذ مجراها. لذا أوضحنا تماما أن لدينا مخاوف بشأن هذا التعديل التشريعي وقلنا أيضا بوضوح شديد أننا نريد التوصل إلى حل وسط. لذا فنحن نراقب هذا عن كثب".
وقال دينيس روس، مفاوض السلام الأمريكي المخضرم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إن إدارة بايدن عبرت عن قلقها تجاه المقترحات القضائية في إسرائيل لكنها فعلت ذلك سرا بقدر الإمكان.
وقال روس الذي يعمل الآن في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وهو مؤسسة بحثية إنه يعتقد أن النهج المتمثل إلى حد كبير في تناول القضية على انفراد هو الأسلوب المناسب.
وقالت هالي سويفر، رئيسة المجلس اليهودي الديمقراطي الأمريكي، إن الطريقة التي تتعامل بها إدارة بايدن مع هذه الأزمة حتى الآن تتماشى مع التزام بايدن بالشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
ومضت تقول "أحيانا يكون الأصدقاء أكثر صدقا مع بعضهم البعض خلف الأبواب المغلقة، ويبدو أن هذا ما يحدث هنا".
وأبقى بايدن على مسافة بينه وبين نتنياهو، ولم يدعوه بعد لزيارة البيت الأبيض منذ أن بدأ الزعيم الإسرائيلي ولايته السادسة كرئيس للوزراء في ديسمبر كانون الأول.
وقال مسؤول كبير في الإدارة يوم الثلاثاء إنه لا توجد خطة حتى الآن لزيارة نتنياهو لكن "القادة الإسرائيليين لديهم تقليد راسخ في زيارة واشنطن، ومن المرجح أن يقوم رئيس الوزراء نتنياهو بزيارة في وقت ما".
ومن ناحية أخرى، لم تصدر تهديدات أمريكية لتقليص التمويل لإسرائيل التي تعد أكبر المتلقين للمساعدات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب تقرير لخدمة أبحاث الكونجرس صدر في الأول من مارس آذار.
وتاريخيا، لا يوجد استعداد لدى الكونجرس الأمريكي للإقدام على مثل هذه الخطوة. والولايات المتحدة تعتمد على إسرائيل في منطقة تتفاقم فيها مخاوف الغرب من إيران.