ألقى وزير المالية الإسرائيليّ بتسلئيل سموتريتش كلمة في حفلٍ أُقيم في العاصمة الفرنسية باريس، يوم الأحد 19 مارس/آذار الجاري، إحياءً لذكرى رحيل رئيس حركة الحرّية في فرنسا جاك كوبفر.
ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن سموتريش قوله "إنه لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطينيّ، وأنَّ الأمة الفلسطينية موجودة منذُ أقل من مئة عام، وأنّها تفتقر إلى تاريخٍ وثقافة ولغةٍ وعملة فريدة".
وأثارت كلمة سموتريتش جدلًا في الأواسط الأوروبية والعربية، ففيها قدْرٌ كبير من التضليل فيما يخصّ الشّعب الفلسطينيّ وتاريخه.
وفي التقرير المرفق، بعنوان "ادعاءات مضللة لوزير المالية الإسرائيلي عن تاريخ الشعب الفلسطيني"، فنّد فريق "مسبار" لتقي الحقائق هذه الادعاءات المضلّلة.
الأرشيف العثمانيّ يكشف عن عقارات عائدة لمواطنين فلسطينيين
جمعت "خزائن"، التي تأسست عام 2016 في القدس، بغرض أرشفة الحياة اليومية للفلسطينيين، 79 مادة من الأرشيف العثمانيّ تضمنت صورًا لمستندات تعود إلى سندات ملكية لأراضي وعقارات مواطنين فلسطينيين إبّان حكم الامبراطورية العثمانية في الفترة بين عامي 1516 و1917.
وثيقة من الأرشيف العثماني تتضمن ملفات من إدارة الملكية العقارية باسم رقية بنت الشيخ خليل من القدس لعام 1879.
وثيقة من الأرشيف العثماني تتضمن سجل عقاريّ لعائلة أشتية، أملاك خليل أشتية لعام 1870-1880.
وثيقة من إدارة الملكية العقارية في الدولة العثمانية "دفتر خاقانه" عن أراضٍ بملكية سليم النمري من القدس لسنة 1903 ميلادي.
وسلّمت الدولة التركية، أرشيفات توثّق حقبة حكم الامبراطورية العثمانية لفلسطين في الفترة بين 1516 و1917، تضمّنت سجلات أراضٍ ووثائق تاريخية تثبت الملكية العقارية العائدة لفلسطينيين.
وفي عام 2018، أدرجت الحكومة التركية على الموقع الرسمي للمديرية العامة لأرشيف الدولة على الإنترنت بعض الوثائق المتعلقة بالفلسطينيين العرب وأحوالهم. وبذلك ينتفي تمامًا ادعاء وزير المالية الإسرائيلي بأنّه لا وجود لشعبٍ فلسطينيّ قبل مئة عام.
السلطنة العثمانية تتخذ إجراءات لمنع بيع أراضي فلسطينيّة للأجانب
وبحث "مسبار" في السجلات المتاحة في موقع أرشيف الدولة التابع لتركيا، ووجد أنَّ هناك إجراءات اتخذتها الإمبراطورية؛ منعًا لاستخدام الحيل المختلفة من قبل الأجانب لشراء الأراضي في فلسطين، وتمَّ تعيين أسعد أفندي، لتعداد الأراضي والعقارات في القدس، وتسجيل كلّ الأراضي بشكلٍ قانونيّ.
وتُظهر الوثيقة الموجودة من الأرشيف العثماني أدناه، مستندًا يحذّر من خطورة بيع أراضي المسلمين إلى الأجانب في القدس.
وكذلك رسالة لمحافظ القدس في عام 1857 جاء فيها ضرورة اتخاذ إجراءات لوقف بيع الأراضي الفلسطينية للأجانب، وتكليف أسعد أفندي بتحرير العقارات في القدس.
كذلك مستند مكتوب في عام 1886، يفيد بعدم السماح لليهود الذين جاؤوا إلى القدس من رومانيا ثم استقروا في حيفا بالاستملاك تمهيدًا للبقاء في فلسطين، والتحقيق مع المسؤولين الذين منحوا لهم تصاريح إعادة التوطين.
أوائل الصحف الفلسطينية
وجاء في تعليق وزير المال الإسرائيلي "إنَّ الأمة الفلسطينية كانت تفتقر إلى تاريخٍ وثقافة ولغة". عاد "مسبار" إلى أرشيف الصحف الفلسطينية الموجودة في المكتبة الوطنية الإسرائيلية، ليفنّد ادّعاءاته، وتبيّن أنَّ جرائد وصحفًا فلسطينية عدة صدرت باللغة العربية في عهد الإمبراطورية العثمانية، وبعدها خلال فترة الانتداب البريطانيّ، ما يؤكدّ اعتماد الفلسطينين اللغة العربية جزءًا من هويتهم، والثّقافة الفكرية والسياسية والفنية في داخل حياتهم اليومية، ومن تلك الصحف:
صحيفة المنتدى
بحسب ما جاء في أرشيف المكتبة الإسرائيلية، كان مقرّ الصحيفة المعنية بالشؤون الثقافية في مدينة القدس، في "فلسطين الانتدابية". حيثُ تمّ إصدارها عام 1943 بواسطة مكتب المطبوعات، وبمشاركة سلطة الإذاعة الفلسطينية، وتوقفت سنة 1947 عن الصدور.
صحيفة فلسطين
تعدّ صحيفة فلسطين إحدى أهم الصحف في تاريخ الانتداب البريطانيّ، وظهر العدد الأول منها عام 1911، أي قبل 112 عامًا من الآن، وتأسست الصحيفة على يد عيسى داود العيسى في مدينة يافا، واستمرت إصداراتها حتى عام 1948، وقد غطت قضايا سياسية وإخبارية وتابعتها شرائح المجتمع الفلسطينيّ كافّة.
دعاوى قضائية لاسترداد الأملاك العقارية بعدَ فتح الأرشيف العثمانيّ
تناولت الصحافة الإسرائيلية موضوع "سندات الأراضي" التي كشفت عنها السلطات التركية في أرشيفها، والذي يعود إلى حقبة الحكم العثماني ما بين عاميّ 1516-1917، وكشفت عن استعمال الفلسطينيين لهذا الأرشيف بصدد إثبات حقوقهم بالأراضي التي احتلّتها إسرائيل، واتهمت صحفٌ عديدة تركيا بمساعدة الشعب الفلسطيني لاستعادة أراضيه من خلال تسليمهم لنسخ عن الأرشيف.
وكشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" في تقرير نشرته في الثاني من كانون يناير/كانون الثاني 2020، حمل عنوان "جهاد أردوغان الصامت"، أنَّ السلطات التركية سلّمت الفلسطينيين 140 ألف صفحة ووثيقة على شاكلة "ميكروفولم" من أرشيفها العثمانيّ. وقالت بأنَّ محامين فلسطينيين كُثر، شرعوا باستخدام هذه الوثائق كدلائل لاستعادة أملاك الفلسطينيين العقارية خاصّة في القدس والضفة الغربية.
وبفضل استعمال محامييّ الهيئة الرسمية التابعة إلى منظمة التحرير الفلسطينية (هيئة مقاومة الجدار والاستيطان)، لوثائق الأرشيف العثماني التركي، في المحاكم الاسرائيلية، تمكنت الهيئة من استعادة مئات الدونمات في عام 2019، التي استحوذت عليها شركات إسرائيلية أو أفراد إسرائيليين.