أدان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بشدة اقتحام المسجد الأقصى واعتقال مئات المصلين وحرمانهم من حرية العبادة.
وجاء في بيان صدر عن المركز الحقوقي:
اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي الليلة الماضية وفجر اليوم وصباحه المسجد الأقصى ومصلياته، وأعتدت بعنف على المصلين داخل المسجد وساحاته، وأطلقت قنابل الصوت والأعيرة المطاطية تجاههم. واعتقلت تلك القوات أكثر من 400 مواطن من داخل المصلى القبلي، بعد أن اعتدت عليهم وأصابت العشرات منهم برضوض وجروح مختلفة.
ووفق تحقيقات المركز، ففي حوالي الساعة 11:00 من مساء أمس الثلاثاء الموافق 4/4/2023، انتشرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على أبواب المسجد الأقصى وفي أزقة وطرقات البلدة القديمة من القدس الشرقية المحتلة عقب انتهاء صلاة التراويح، واقتحمت المسجد بأعداد كبيرة عبر باب المغاربة، وشرعت بإخلاء ساحات المسجد من المصلين. وقد تمركزت القوات الإسرائيلية عند باب المصلى القبلي، ووجهت الدعوات للمئات من المواطنين المعتكفين، ومنهم نساء وأطفال داخله بالخروج وإخلائه على الفور، وهو الأمر الذي رفضه المواطنون وأكدوا التزامهم بالاعتكاف داخل المسجد الأقصى عشية عيد الفصح اليهودي. واستمرت قوات الاحتلال بمحاصرة المصلى القبلي لساعتين، اعتلى خلالها القناصة سطح المصلى وتمركزوا عند نوافذه العلوية، وانتشرت فرق المخابرات وأعداد كبيرة من القوات في محيطه. وعند حوالي الساعة 1:00 فجر اليوم الأربعاء الموافق 5/4/2023، اقتحمت قوات الاحتلال المصلى القبلي عبر بوابة العيادة الخلفية المقامة في المسجد بعد تدمير محتوياتها، بالتزامن مع تحطيم قناصتها نوافذ المصلى العلوية وإطلاق وابل من قنابل الغاز المسيل للدموع، والأعيرة المطاطية بكثافة تجاه المعتكفين، ما أدى الى تصاعد ألسنة الدخان داخل المصلى، ومن ثم هاجمت قوات الاحتلال المعتكفين من الشباب والنساء وكبار السن، واعتدت عليهم بالضرب بالأيدي والأرجل وبالهروات وأعقاب البنادق. وقد حاول الشباب المعتكفين التصدي لاقتحام قوات الاحتلال وأطلقوا الألعاب النارية والمقاعد البلاستيكية تجاههم، وقد ردت بإطلاق المزيد من قنابل الغاز والأعيرة المطاطية في المكان.
ومع سيطرتها على المكان، شرعت قوات الاحتلال بإخراج النساء من داخل المصلى، واحتجزت مئات الشبان بعد أن أجبرتهم على الانبطاح أرضاً وقيدت أيديهم وأرجلهم. ووثقت مقاطع الفيديو اعتداء قوات الاحتلال بالضرب المبرح على عشرات الشبان مستخدمة العصي وأعقاب البنادق وكذلك اعتدت بالدعس بالبساطير عليهم وسحلهم أرضاً، وتعمدت ضربهم على الرأس والظهر. ومنعت قوات الاحتلال طواقم الهلال الأحمر من الدخول إلى المسجد الأقصى عبر باب الأسباط لنقل المصابين، واعتدت على بعض المسعفين بالضرب وحطمت زجاج بعض مركبات الإسعاف. وخلال انسحاب قوات الاحتلال من المصلى القبلي اعتقلت مئات من الشبان المحتجزين رغم إصابة بعضهم بجروح ورضوض وكسور جراء الاعتداء عليهم، وأخرجتهم عبر باب المغاربة ثم نقلتهم بحافلات إلى عدة مراكز تحقيق.
وفي أعقاب اقتحام المصلى القبلي اندلعت عدة مواجهات بين عشرات من المواطنين وقوات الاحتلال في محيط المسجد الأقصى، أطلقت قوات الاحتلال خلالها الأعيرة المطاطية وقنابل الغاز تجاه المتظاهرين. وعند حوالي الساعة 4:00 فجراً، منعت قوات الاحتلال المصلين ممن تقل أعمارهم عن 50 عاماً من الدخول الى المسجد الأقصى، وفرضت على باقي المصلين تسليم هوياتهم الشخصية عند أبواب المسجد من أجل السماح لهم بالدخول. وعقب انتهاء صلاة الفجر اقتحمت قوات الاحتلال برفقة ضباط المخابرات باحات المسجد الأقصى عبر باب المغاربة، وتجولت في ساحة المصلى القبلي، ثم انسحبت باتجاه ساحة باب المغاربة، وخلال لحظات وفجأة أطلقت الأعيرة المطاطية عشوائياً تجاه المصلين، ثم اعتقلت اثنين منهم. كما فرقت المصلين الذين لم يتمكنوا من دخول المسجد وأدوا صلاة الفجر في الجهة الخارجية من باب الأسباط، وأطلقت القنابل الغازية تجاههم، وأخلت المكان بالقوة.
وعند حوالي الساعة 7:00 صباحاً، ومع بدء فترة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، اعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلي على المصلين الذين أدوا صلاة الضحى مقابل المصلى القبلي بمحاذاة مسار المستوطنين، ودفعتهم وأبعدتهم بالقوة عن المكان، واعتقلت 7 مواطنين، بينهم 3 سيدات و3 مسعفين، في تعبير صارخ لحالة التمييز العنصري ونظام الأبارتهايد الذي تتعامل به القوات الإسرائيلية.
وأفاد المحامي فراس الجبريني، لباحث المركز، أن عدد المعتقلين من المسجد الأقصى يبلغ ما بين 400-500 مواطن، ونقلوا بحافلات إلى شرطة عطروت. وأوضح أن نقل المعتقلين لا يزال مستمراً حتى اللحظة إلى "عطروت"، ولهذا السبب لم يتم الإعلان عن العدد النهائي للمعتقلين. وأضاف الجبريني أنه من المتوقع الإفراج عن معظم المعتقلين بشرط الإبعاد عن الأقصى والبلدة القديمة، مؤكداً أن معظم المعتقلين أصيبوا بجروح مختلفة ورضوض قبل وأثناء عملية اعتقالهم.
كما أفاد الهلال الأحمر في مدينة القدس في بيان مقتضب أن طواقمه تعاملت مع 12 إصابة خلال المواجهات التي اندلعت في محيط المسجد الأقصى وخارج أسوار المدينة، وتم نقل 3 إصابات إلى المستشفى لتلقي العلاج.
جدير بالذكر أن جماعات إسرائيلية متطرفة منها جماعة الهيكل دعت منذ أيام إلى اقتحام المسجد الأقصى بأعداد كبيرة بالتزامن مع بداية عيد الفصح اليهودي، وقد دعت تلك الجماعة المقتحمين لذبح قرابين العيد داخل باحاته. كما قد رصدت حركة عائدون لجبل الهيكل المتطرفة مكافأة قدرها 20 ألف شيكل للمستوطن الذي يتمكن من ذبح "قربان الفصح" داخل المسجد الأقصى، ورصدت الحركة مبلغ خمسة ألف شيكل لأي يهودي يتم اعتقاله أو منعه من إدخال القربان إلى المسجد.
إن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إذ يدين بشدة اقتحام المسجد الأقصى ومصلياته، واعتقال مئات المعتكفين وحرمانهم من حرية العبادة، واستخدام القوة المفرطة في قمع المصلين وإعاقة عمل الطواقم الطبية، فإنه:
- يعيد التأكيد أن القدس الشرقية مدينة محتلة، ولا تغير جميع الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال في أعقاب احتلال المدينة في عام 1967 من وضعها القانوني كجزء من الأرض الفلسطينية المحتلة.
- يطالب المجتمع الدولي، والمقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد بالعمل على توفير حماية للمدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة بشكل عام، وفي مدينة القدس الشرقية بشكل خاص، بما في ذلك صون حريتهم في العبادة، وحماية مقدساتهم.
- يرى المركز بأن مؤامرة الصمت التي يمارسها المجتمع الدولي تشجع إسرائيل وتحرضها على اقتراف المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما فيها إجراءات تهويد القدس الشرقية المحتلة.
- في ظل تكرار وتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، يطالب المركز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالإسراع في فتح تحقيق في الأحداث الخطيرة التي تجري في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها مدينة القدس.