أكدت نخب فلسطينية، أن الشعب الفلسطيني مصمم على الصمود والتمسك بأمله في الحرية والخلاص من الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق حلم العودة إلى دياره، رغم تقديمه لـ100 ألف شهيد وأضعافهم من الجرحى وقرابة مليون معتقل وأسير منذ وقوع نكبة العام 1948.
جاء هذا في سياق ندوة سياسية نظمها مركز العودة الفلسطيني في العاصمة اللبنانية بيروت، بعنوان: "النكبة 75 واتجاهات الصراع والحل"، بحضور كتاب ومثقفين ونشطاء فلسطينيين.
وأدار الندوة الناشط السياسي الفلسطيني في الولايات المتحدة الأمريكية ورئيس منصة iPalestine الدولية خالد الترعاني، واستضافت النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور حسن خريشة، والمدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات الدكتور محسن صالح، ومدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) هاني المصري، والناشط والكاتب الفلسطيني في بريطانيا محمد صوالحة.
خليط متضارب
وقال محسن صالح "إن ذكرى النكبة الـ 75 تحمل خليطا متضاربا من المشاعر والآلام باتجاه المأساة التي عاشها الشعب الفلسطيني، وأن يحيا إلى حد هذه اللحظة في ظل بيئة عربية ضعيفة مشتتة لا تستطيع القيام بواجبها تجاه القضية الفلسطينية العظمى".
وأشار صالح إلى أن "ذكرى النكبة تأتي في ظل واقع فلسطيني بائس لا يمكنّنا من أن ننفذ مشروعا وطنيا على الأرض"، مضيفا أن هناك مجموعة بأن يوجد 7 ملايين فلسطيني خارج ديارهم وأرض فلسطين بكاملها تحت الاحتلال.
لكنه شدد في المقابل على أن "الشعب الفلسطيني مليء بالطاقات والأمل، فمئة عام كلها انتفاضات وثورات وصمود، وبالتالي فإن النكبة هي العنوان الذي نجتمع عليه حتى ننطلق باتجاه الأمل وصناعة الإنسان وتجديد الذات وتوريث الراية من جيل إلى جيل".
تذكير بالمأساة
وأشار الدكتور حسن خريشة إلى أن السنوات الـ75 من عمر النكبة الفلسطينية تخللها نكبات كان المسبب الرئيس لها الاحتلال الإسرائيلي والدعم الأمريكي والأوروبي له، مضيفا أن إحياء ذكرى النكبة بشكل سنوي محطة تذكير لنا وللأجيال وللعالم أن الشعب الفلسطيني يعيش المأساة منذ أكثر من 7 عقود ولا أحد يتحرك من أجل إنهاء معاناته.
وتحدث خريشة عن رزمة مشاريع سياسية عديدة تخللت سنوات النكبة لم تفض إلى نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة وفي المقدمة منها حقه بالعودة إلى دياره الأصلية كما نص عليه القرار الأممي 194.
وأشار إلى أن هذا الواقع أوجد قناعة لدى الفلسطينيين باتت تتعزز بشكل أكبر لدى الجيل الشاب بأن الحل يكمن بالمقاومة لإعادة فرض الحقائق على الأرض واستعادة الحقوق.
تأييد شعبي لفلسطين
وقال الناشط محمد صوالحة، إن عوامل القوة لدى الفلسطينيين حاليا باتت أقوى بكثير مما كانت عليه في العام 1948 في كل المجالات.
وأضاف أن تأييد الفلسطينيين على المستوى الشعبي يزداد بشكل جارف في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية على عكس ما هو عليه المستوى الرسمي الذي يزداد تأييدا لإسرائيل أكثر وأكثر.
وبيّن أن إسرائيل قامت بدعم غربي كان ولا زال ملتزما بأمن واستقرار إسرائيل واستمرارها، لكن القادة الغربيين باتوا يدركون الآن بأن المشروع الصهيوني وصل إلى الذروة وبات مهدد بالانهيار.
نقاط قوة
بدوره، قال هاني المصري إنه بعد 75 من النكبة ورغم كل الحروب والدمار والمؤامرات، إلا أن القضية الفلسطينية لازالت حية ومستمرة، مع عدم إغفال الأوضاع الصعبة التي يواجهها الشعب الفلسطيني.
وأفاد المصري أن هناك نقاط قوة كثيرة لدى الفلسطينيين أهمها عدالة القضية الفلسطينية وتفوقها الأخلاقي وعمقها العربي والإسلامي والدولي التحرري الإنساني وأنها قضية جامعة وقابلة للاستخدام، فضلا عن وجود القدس والأرض مهد الديانات كلها.
وقال: رغم كل هذه العذابات التي لحقت بالشعب الفلسطيني إلا أن الحركة الصهيونية لم تستطع أن تحقق أهدافها كاملة، فبعد أن روّج زعماؤها الأوائل بأن فلسطين هي "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، إلا أن عدد الفلسطينيين أصبح في وقتنا الحالي داخل فلسطين أكبر من عدد الإسرائيليين، بحسب الإحصائيات الرسمية.
وأضاف أن هذه المقولة لم تتحقق، غير أن إسرائيل باتت تحتل كل فلسطيني وتضع خططا لاستكمال التهويد والتهجير والاستيطان في هذه الأوقات بمعدلات رهيبة جدا، في ظل وجود الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية.
وتابع المصري أن إسرائيل تشهد في الوقت العالي أزمة بنيوية عميقة تتعلق بهويتها وبمن هو اليهودي وبالصراع بين التيارين الديني والليبرالي، وهو ما يوفر ما أسماها فرصة تاريخية للفلسطينيين في الوقت الحالي لخفض وتيرة الصراع من جانبهم حتى تتصاعد داخل الإسرائيليين.