"كان" : لقاء سري لمناقشة اتفاق تطبيع محتمل بين إسرائيل والسعودية

AFP.webp


التقى مسؤولون حكوميون من إسرائيل والمملكة العربية السعودية سراً مؤخرًا لمناقشة اتفاق تطبيع محتمل بين الدولتين، وفقًا لتقرير صادر عن هيئة البث الإسرائيلية "كان" .

ولم يتم الإعلان عن التفاصيل المحددة للاجتماع، فيما ذكر التقرير أن المملكة العربية السعودية ستحصل على عرض أمريكي لإنشاء منشأة نووية كجزء من الاتفاق، وأن الموقع النووي المقترح ستتم حراسته من قبل القوات الأمريكية.

ويأتي تقرير الاجتماع السري للمسؤولين الإسرائيليين والسعوديين في نفس الوقت الذي يقال فيه أن واشنطن تدرس معاهدات دفاع مزدوجة مع المملكة العربية السعودية وإسرائيل كجزء من جهد لجعل حلفائها في الشرق الأوسط يعترفون رسميًا ببعضهم البعض ويطبيعون العلاقات، بحسب ما ورد لوسائل الإعلام الأمريكية.

ووفقا "لبلومبرج"، تعتقد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن هذه المبادرة ستؤدي إلى التطبيع الإسرائيلي السعودي، بمعاهدة شاملة لدرجة أنها تتطلب موافقة الكونجرس.
 
ويمتنع المسؤولون في قيادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ​​عن التعليق على التقدم نحو الاتفاق مع السعودية، لحساسية الموضوع، رغم عدم وجود أي تغيير بالموقف الذي يهيمن في الأوساط الأمنية الإسرائيلية، وهو المعارضة الحثيثة لمشروع نووي خاص يشمل تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.

ويشكك المسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلية، في قدرة الولايات المتحدة على ضمان بقاء تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية في نطاقه المدني وألا يعرض إسرائيل للخطر. ويشددون على ضرورة عدم اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن، إلا بعد إجراء دراسات موسعة ومعمقة تساعد الأجهزة الأمنية على تشكيل موقف رسمي.

وأكثر ما يقلق الأجهزة الأمنية الإسرائيلية هو إمكانية بدء سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط ككرة ثلج لا يمكن السيطرة عليها، خصوصا بعد التصريحات التي صدرت مؤخرا عن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خلال مقابلة أجرتها معه شبكة "فوكس نيوز"، مؤكدا أن السعودية ستعمل للحصول على قنبلة نووية، إذا ما فعلت إيران ذلك.

ويعتقد المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أن هذه تصريحات بن سلمان، تكشف عن الإستراتيجية التي يتبعها ولي العهد السعودي في الشأن النووي، بحيث يرى الحاكم الفعلي للسعودي أن المفاعل النووي المدني ما هو إلا خطوة أخرى تقرب المملكة من تطوير قدرات عسكرية نووية.

وفي إطار بلورة موقف رسمي، تعمل أجهزة الأمن الإسرائيلية على دراسة التبعات المحتملة للاتفاق مع السعودية، وتأثيره على سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط والخطوات التي ستتخذها الدول الأخرى في المنطقة، وعلى رأسها تركيا ومصر، اللتان قد ترغبان بالانضمام إلى سباق التسلح النووي.

كما يشدد المسؤولون الأمنيون في إسرائيل، على ضرورة ضمان عدم إبرام السعودية صفقات أسلحة بموجب اتفاق التطبيع المحتمل، تشمل أسلحة متطورة و"كاسرة للتوازن"، بحيث تخل في "التفوق النوعي العسكري لإسرائيل في المنقطة"، الأمر الذي حافظت عليه بموجب الضمانات الأميركية.

في المقابل، قال مسؤول إسرائيلي رفيع ومطلع على الاتصالات مع السعودية، في إحاطة إعلامية للصحافيين الإسرائيليين، إن الموقف الأميركي يتوافق مع موقف إسرائيل في ما يخص المطلب النووي السعودي، وقال إن "الرغبة السعودية في التخصيب معروفة منذ سنوات طويلة في محادثاتهم مع الولايات المتحدة. الأميركيون لم يستجيبوا لهذا المطلب".

وأضاف "لم نصل في إسرائيل إلى مرحلة متطورة أو متقدمة من النقاش حول مطالب ملموسة من هذا النوع. والآن تنتقل المناقشات إلى أدق وأصغر التفاصيل". وفي ما يتعلق بالبدائل التي من شأنها أن تسمح لإسرائيل بالموافقة على تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، قال المسؤول إن "الأمر يعتمد على مدى مرونة السعوديين في التعاطي مع الخيارات الخلاقة التي يمكن أن يطرحها الأميركيون. الأمر ليس سهلاً، لكنه ليس مستحيل أيضًا".

يأتي ذلك في ظل الرفض الذي عبر عنه سياسيون إسرائيليون سواء في الائتلاف أو المعارضة، لتقديم ما وصفوه بـ"تنازلات تتعلق بالفلسطينيين" أو بالمطلب النووي السعودي في إطار اتفاق محتمل مع السعودية، في حين أشارت هيئة البث العام الإسرائيلية "كان"، عن بدائل أميركية مطروحة قد تقرب المسافات بين السعودية وإسرائيل.

وفي مؤشر على حساسية المسألة في إسرائيل، أثار تقرير "وول ستريت جورنال" الذي أشار إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يدرس إمكانية الامتثال لطلب السعودية لتخصيب اليورانيوم على أراضيها، استياء مسؤولين في حكومة نتنياهو، وصلت إلى حد مطالبته بإصدار نفي رسمي لتقرير الصحيفة الأميركية.

وبحسب "كان 11"، فإن المسؤولين في البيت الأبيض يدرسون تقديم مقترحا للرياض قد يشكل "ضمانات" تتعلق بالمشروع النووي السعودي، لمنع الرياض من تخصيب اليورانيوم إلى مستوى التصنيع العسكري. ويشمل الاقتراح إنشاء منشأة للتخصيب اليورانيوم على أراضي السعودية، على أن يتم تشغليها بواسطة جهة أميركية أو من دولة أخرى.

ومن بين الاقتراحات التي يناقشها الجانب الأميركي، إمكانية "التحكم عن بعد بالمنشأة النووية السعودية"، وأن يتم حمايتها بقوات عسكرية أميركية تتواجد على الأرض لمنع إمكانية الاستيلاء عليها أو الإضرار بها. وأشارت "كان 11" إلى أن الاقتراح الأميركي قد "يطمئن" أولئك الذين يثيرون شكوكا تتعلق بالبرنامج النووي السعودي.

في المقابل، نقلت القناة الرسمية الإسرائيلية عن مصادر مطلع قولها: "ليس هناك ما يضمن لنا 100% عدم سعي السعودية لتخصيب يورانيوم بمستوى عسكري، وليس هناك ما يضمن أن هذه الخطوة لن تؤدي إلى سباق تسلح إقليمي؛ في حين ادعى مسؤول إسرائيلي أن "النووي السعودي لا يجب أن يقلق إسرائيل".

وأضاف المسؤول أن "الحكومة الإسرائيلية لا تتدخل علنا في هذه المسألة حتى لا ينظر إليها على أنها أفشلت الاتفاق". ووفقا له، فإن الحكومة الإسرائيلية تتلقى تحديثات بشكل دائم من واشنطن، ومطلعة على الاتصالات بين المسؤولين السعوديين والأميركيين في هذا الشأن.

وأعرب وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين عن تفاؤله إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية وقال إن "ذلك ممكن وقد يتم في أوائل عام 2024. "

وفي مقابلة مع إذاعة الجيش، قال كوهين: "لا تزال هناك خلافات يتعين التغلب عليها. سيستغرق الأمر وقتا، لكننا نمضي قدما". وأنا واثق من أنه بحلول الأول بحلول عام 2024، سننتهي من هذه الإجراءات وسيتم تنفيذ اتفاق التطبيع".

جاءت كلمات الوزير كوهين لتؤكد كلام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي قال مساء الأربعاء أن تطبيع العلاقات بين البلدين أصبح "كل يوم" أقرب.حسب موقع i24NEWS

بالنسبة للتخوف الإسرائيلي بشأن قضية النووي المدني في الاتفاقية، والذي سيسمح للرياض بتخصيب اليورانيوم على أراضيها، دعا كوهين إلى الحذر قبل أي حكم متسرع. وقال "إن اتفاقا بهذا الحجم يتضمن تفاصيل كثيرة، لكن أمن إسرائيل هو أولويتنا. نسعى للسلام مع ضمان كامل لأمننا".

وأشار إيلي كوهين إلى أن مثل هذا الاتفاق سيكون خطوة كبيرة، وتاريخية، تتجاوز حتى اتفاقيات أبراهام. ووفقا له، فإن الاتفاق الإسرائيلي السعودي المحتمل "سيرمز إلى المصالحة بين الشعب اليهودي والعالم الإسلامي".

كما أعرب الوزير عن ثقته في أنه بعد هذا الاتفاق، ستحذو الدول الإسلامية الأخرى حذوها، مما سيعزز علاقات العالم العربي والإسلامي مع إسرائيل. وخلص إلى أن "هذا سيمهد الطريق إلى عالم أكثر أمانا".

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - وكالات