قتلت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي خمسة مقاومين فلسطينيين بعد 15 ساعة من الاقتحام المباشر والمتواصل لبلدة دير الغصون قرب مدينة طولكرم بشمال الضفة الغربية، حيث انسحب جيش الاحتلال ، بعد ظهر السبت، من البلدة مخلفا حالة من الدمار الكبير في المنزل الذي استهدفه وحاصر به مقاومين وقتلهم، حسب ادعائه.
وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قد أكدت أن الاحتلال اغتال 5 مقاومين دون أن يصرح بأسمائهم، وتحدثت عن إصابة أحد جنود الاحتلال من وحدة اليمام برصاص المقاومين، ووصفت إصابته بالحرجة.
وانتهج الاحتلال الإسرائيلي أسلوب "طنجرة الضغط" في ملاحقة "الخلية القسامية"، حيث حاصرها داخل شقة لأسير محرر من عائلة بدران في منزل يتكون من عدة شقق.
اشتباك عنيف
ونقلت هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية وفق بيان مقتضب عممته وزارة الصحة الفلسطينية أن الارتباط العسكري الإسرائيلي أبلغهم باحتجازه جثامين 4 شهداء هم: تامر فقهاء، وعدنان سمارة، وعلاء شريتح، وآسال بدران.
فيما عثر مواطنون، توافدوا إلى منزل عائلة بدران فور انسحاب جيش الاحتلال منه بعد حصاره 15 ساعة وتجريفه وهدمه بالكامل لاحقا، على جثة أحد الشهداء وقد كان رأسه مفصولا عن جسده، ولم تحدد هويته بعد.
وحسب مصادر مطلعة، فإن عملية الاحتلال في دير الغصون استهدفت خلية مقاومة من كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حيث حاصرتهم داخل منزل الأسير سلمة بدران في الحي الشرقي من البلدة بُعيد الساعة العاشرة ليلا واشتبكت معهم لأكثر من ساعة.
وقال جهاد بدران قريب عائلة الأسير سلمة إن قوات كبيرة من جيش الاحتلال حاصرت منزل أبناء عمومته بعد انكشاف أمرهم للقوات الخاصة التي حاولت اقتحام المنزل والوصول للمقاومين. وأضاف أن اشتباكا عنيفا دار بين جنود الاحتلال والمقاومين الذين تحصنوا داخل شقة في المنزل واستمر لأكثر من ساعة.
وبحسب المصدر نفسه، فإن جيش الاحتلال طلب بعد ذلك من ذوي الأسير وعائلته -المقدرة بنحو 40 نفرا- الخروج إلى المنزل المجاور، ليحاصر المقاومين هناك بعد استقدام تعزيزات كبيرة من جنوده وآلياته العسكرية بينها الجرافات الضخمة من نوع "دي9" المجنزرة والعادية التي هدمت المنزل.
وذكر بدران أنه وبعد 15 ساعة من استمرار العملية انتشل جيش الاحتلال جثامين لشهداء من بين الركام، وعمد إلى التنكيل بهم رغم استشهادهم، فيما سلَّم سَلَمة بدران -وهو أسير محرر وقضى 10 سنوات بالسجون الإسرائيلية- نفسه لجيش الاحتلال الذي حقق معه ونكل به عقب اعتقاله.
خلية طولكرم
وبمجرد إعلان الاحتلال أسماء الشهداء الذين يحتجزهم، تناقلت وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الاجتماعي معلومات عن "الخلية القسامية" التي يطاردها الاحتلال منذ أشهر. ويتهمها بتنفيذ عمليات فدائية ضده لا سيما عملية "بيت ليد" الشهيرة مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي شرق مدينة طولكرم، وأدت إلى مقتل -حسب بيان جيش الاحتلال- المستوطن المجند في الاحتياط الإسرائيلي "الحنان كلاين".
كما تُتهم الخلية باستدراج جيش الاحتلال إلى كمين نصبته في بلدة بلعا شرق طولكرم، حيث فجَّر المقاومون عن بعد مركبة وصل إليها جيش الاحتلال، ولم يعترف الاحتلال بخسائره جراء تلك العملية.
تامر فقهاء
ارتبط اسم تامر رأفت عبد الرحمن فقهاء (20عاما) بعملية "بيت ليد"، حيث أعلن الاحتلال وقوفه خلفها بعد فترة وجيزة وبدأ مطاردته فور ذلك، واقتحم منزل عائلته أكثر من مرة واعتقل أفرادا منها وحقق معهم.
وفي ضاحية شويكة التابعة لمدينة طولكرم وُلد الشهيد فقهاء، وأنهى في مدراسها مرحلة الثانوية، ليستكمل بعدها دراسته في كلية الشريعة بجامعة النجاح الوطنية بنابلس، ولم يسبق أن اعتقله الاحتلال الإسرائيلي.
وتُظهر مقاطع فيديو التُقطت للشهيد فقهاء وهو يشارك بمسيرات تشييع جثامين الشهداء من مجموعة "عرين الأسود" المقاومة لا سيما الشهيد تامر كيلاني في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بمدينة نابلس ويهتف دعما لها.
آسال بدران
آسال بشير توفيق بدران (42 عاما) هو الشهيد الثاني الذي أعلن الاحتلال اسمه من بين المستهدفين في عملية بلدة دير الغصون اليوم السبت.
وُلد آسال لعائلة متدينة ومضحية ومحبة للعمل المقاوم في بلدة دير الغصون، فوالده الشيخ الداعية بشير بدران ذائع الصيت، وهو أحد 5 أشقاء جميعهم من حفظة القرآن الكريم وعدد من الشقيقات الإناث. واعتُقل كما معظم أشقائه، فواز وأسد وسيف الدين وسَلَمة، في سجون الاحتلال لـ8 سنوات، بينما اعتقلته أجهزة الأمن الفلسطيني لعامين.
وفي مدارس دير الغصون أنهى آسال تعليمه الأساسي، ثم أكمل دراسته في الشريعة الإسلامية وعمل خطيبا في مساجد البلدة، إضافة إلى عمله كسائق لحافلة في رياض أطفال وسيارة أجرة عمومية، وهو متزوج ولديه 4 أبناء (طفلان وبنتان).
وآسال هو شقيق الشهيد فواز بدران الذي عُرف بأنه مهندس كتائب القسام، وأنه مسؤول عن تصنيع المتفجرات والتخطيط والإعداد لعمليات استشهادية أدت لمقتل إسرائيليين. وقد اغتاله الاحتلال بتفجير مركبة أمام منزله في يوليو/تموز 2003، فيما نفذ الشقيق الأصغر لآسال ويدعى سيف الدين عملية استشهادية قبل أشهر من اغتيال شقيقه الأكبر فواز.
وفي سجونه يعتقل الاحتلال الإسرائيلي أسد بدران شقيق الشهيد آسال، فيما اعتقل اليوم شقيقهم الخامس سلمة من منزله الذي تحصن به المقاومون.
علاء شريتح
وُلد علاء أديب عبد الجابر شريتح (45 عاما) وكنيته "أبو البراء" في مدينة طولكرم، واعتُقل في سجون الاحتلال 14عاما، ويتهمه الاحتلال بالتخطيط لعمليتي "بيت ليد" و"بلعا".
ويوصف بأنه مهندس العبوات الناسفة، ومنذ بدء مطاردته قبل عدة أشهر اقتحم الاحتلال منزله في المدينة واعتقل زوجته وأخضعها لتحقيق قاسِ في محاولة للضغط عليه لتسليم نفسه.
وعلاء متزوج وأب لـ3 أطفال (طفلان وطفلة)، وفي مدارس طولكرم تلقى تعليمه الأساسي والثانوي والذي انقطع عنه بفعل اعتقالاته المتكررة بسجون الاحتلال، ورغم ذلك لم يتوقف عن استكمال تعليمه الجامعي، حيث طورد واستشهد وهو يواصل دراسته الجامعية في الشريعة الإسلامية.
عدنان سمارة
في مدينة طولكرم وُلد عدنان تيسير كامل سمارة (40 عاما) وبها تلقى تعليمه، وهو متزوج وأب لطفلة تبلغ من العمر عامين، وفي سجون الاحتلال اعتُقل سمارة لأكثر من 15 عاما، واعتقلته الأجهزة الأمنية الفلسطينية كذلك وبسجونها أعلن إضرابه عن الطعام رفضا لاعتقاله وطلبا للإفراج عنه.
ويلاحق الاحتلال المقاوم سمارة منذ عدة أشهر، ويتهمه كغيره بالوقوف خلف عمليات مقاومة عدة.
ونعت كتائب الشهيد عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس– 4 من مقاوميها وقادتها الميدانيين في الضفة الغربية، قالت إنهم استشهدوا في اشتباك مع قوات الاحتلال دام أكثر من 15 ساعة في دير الغصون شمال طولكرم.
وأضافت القسام أن من بين الشهداء قائدها في محافظة طولكرم علاء شريتح (45 عاما)، وقائدها الميداني عدنان سمارة (40 عاماً)، بالإضافة إلى تامر فقها (32 عاماً)، وآسال بدران (42 عاماً).
وفي سياق متصل، جابت مسيرة حاشدة شوارع ضاحية شويكة في طولكرم شمالي الضفة الغربية وصولاً إلى منزل الشهيد تامر فقها أحد شهداء القسام في بلدة دير الغصون. وطالب المتظاهرون المقاومة الفلسطينية بالثأر لدماء الشهداء.
أكدت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان وصول شهيد خامس، لم تعرف هويته بعد، إلى مستشفى طولكرم الحكومي من دير غصون.
وفي وقت سابق السبت، أفادت قناة الجزيرة بانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم السبت من بلدة دير الغصون بطولكرم شمالي الضفة الغربية إثر عملية عسكرية استمرت 15 ساعة، قتلت خلالها عددا من المقاومين الفلسطينيين بعد اشتباكات عنيفة.
وبحلول منتصف الليلة الماضية، حاصرت قوات إسرائيلية خاصة -بينها وحدة "يمام" المتخصصة في الاغتيال ووحدة قوات خاصة (كوماندوز) تابعة لجهاز الأمن العام (الشاباك)- منزلا تحصن فيه مقاومون من كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لتندلع بعد ذلك اشتباكات استمرت نحو 15 ساعات.
وقصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي المنزل المحاصر بعشرات القذائف، وبالتوازي كانت الجرافات تهدم أجزاء منه حتى دمرته بشكل كامل قبل منتصف نهار اليوم السبت.
وأضافت قناة الجزيرة أن نيرانا أُطلقت قبيل منتصف نهار اليوم من بين أنقاض المنزل المدمر باتجاه القوات التي تحاصره، مما يشير إلى أن بعض المقاومين المحاصرين ما زالوا على الأرجح أحياء في تلك اللحظة.
وأشارت وكالة الأنباء الفلسطينية إلى مقطع مصور تداوله ناشطون على مواقع التواصل يظهر إطلاق نار على شخصين أثناء خروجهما من بين الركام.
وفي سياق متصل، أصيب 6 فلسطينيين بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع خلال مواجهات وقعت بينهم وبين وقوات الاحتلال في بلدة بيتا، جنوب نابلس شمالي الضفة الغربية.
وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بأن طواقمه أسعفت 6 مصابين، بينهم مسنة ورضيع. وكانت المواجهات قد اندلعت عندما اقتحمت قوات الاحتلال البلدة، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين خرجوا للتصدي لها في أحياء البلدة.
كما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدتيْ بيت ريما ودير غسانة شمال غربي مدينة رام الله بالضفة الغربية.
وأفاد شهود عيان بأن آليات عسكرية اقتحمت البلدتين من محاور متفرقة ولاحقت عددا من الفتية واعتدت عليهم بالضرب خلال احتجازهم. وأفاد شهود عيان بأن مواجهات اندلعت مع شبان البلدتين حيث أطلق جيش الاحتلال الرصاص الحي مما أدى إلى إصابة شخص واحد على الأقل.
من جانب آخر، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي قرية خُرسا، جنوب مدينة دورا بمحافظة الخليل، وأغلقت مداخلها كافة.
وبموازاة حربه على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، صعّد الجيش الإسرائيلي ومستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية -بما فيها القدس- مخلفا 491 شهيدا ونحو 4950 جريحا، حسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية حتى ظهر أمس الجمعة.