أظهرت تحقيقات داخلية أجراها الجيش الإسرائيلي أخطاء استراتيجية كبيرة في التعامل مع هجوم حماس يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، رغم تحذيرات سابقة من احتمال حدوث اختراق مفاجئ. التحقيقات التي تم الكشف عنها تشير إلى أن قائد القيادة الجنوبية، اللواء يارون فينكلمان، كان على دراية بمخاطر خطة "سور أريحا" التي وضعتها حماس، لكنه وقع ضحية لحيلة استخباراتية نفذتها الحركة بنجاح.
ووفقا لمصادر خاصة لصحيفة يديعوت أحرونوت فإن التحقيقات أوضحت أن فينكلمان، حينما كان رئيسًا لشعبة العمليات في هيئة الأركان عام 2022، حذر من احتمال تنفيذ حماس خطة واسعة النطاق تتضمن اختراقًا بريًا باستخدام "خداع عملياتي"، مثل تنفيذ مناورات لإخفاء نواياها. ومع ذلك، عندما قاد النقاشات الأمنية قبل الهجوم بساعات، قدّر أن تصعيد حماس كان بسبب تخوفها من هجوم إسرائيلي محتمل، ولم يقدّر أن التصعيد يخفي نية حقيقية للهجوم.
خطة "سور أريحا"، التي حددت في وقت سابق كتهديد محتمل، تضمنت عمليات منسقة تشمل تسللًا بريًا واسعًا، هجمات جوية وبحرية، وإطلاق صواريخ على نطاق واسع. ورغم إشارات استخباراتية واضحة، لم تُربط النقاط بشكل فعال بين القيادة العسكرية والاستخبارات، ما أدى إلى غياب الاستعدادات المطلوبة.
وفقًا للوثائق، عقد فينكلمان نقاشًا عند الساعة الثالثة صباحًا يوم الهجوم، وأصدر تعليمات عامة للقوات الميدانية، ركزت على حماية المعلومات الاستخباراتية وتجنب استفزاز العدو. لكنه لم يُصدر أوامر بتفعيل خطط دفاعية عاجلة. وأشار التقرير إلى أن الإجراءات الدفاعية مثل رفع الاستعدادات الجوية، وتحريك مركبات التجميع المسلحة، لم تُنفذ بشكل كامل، ما ساهم في حجم الخسائر.
كما أن التعليمات التي أُعطيت للقوات تركزت على "عدم الكشف عن معرفة إسرائيل بتحركات حماس"، بدلاً من رفع حالة التأهب الشامل. هذا القرار أدى إلى غياب توجيهات واضحة حول كيفية التصدي للهجوم الذي وصف لاحقًا بأنه "غير مسبوق".
الهجوم الذي شنته حماس يوم 7 أكتوبر، والذي تضمن اختراقات على طول الحدود واستخدام طائرات مسيرة وصواريخ نوعية، أسفر عن مقتل وإصابة المئات من الإسرائيليين. كما تسبب في انهيار دفاعات الجيش الإسرائيلي في بعض المناطق، مما أجبر القيادة على الانسحاب من عدة مواقع.
أحد المسؤولين العسكريين الكبار عبّر عن دهشته قائلًا: "من غير الواضح كيف يمكن لشخص كان على علم بخطر خطة 'سور أريحا' أن يفشل في تقدير هذا السيناريو في لحظة الحقيقة".
أصدر يسرائيل كاتس، أمرًا بتجميد ترقية عقيد متورط في الإخفاقات، في انتظار التحقيق في دوره خلال الأحداث. وتشير التقارير إلى وجود دعوات لمراجعة شاملة لبنية القيادة العسكرية الإسرائيلية.
فيما يستمر النقاش حول مدى مسؤولية القيادة الجنوبية وشعبة الاستخبارات عن الفشل، تتزايد المطالب بمحاسبة المسؤولين الذين تجاهلوا التحذيرات السابقة. هذا التحقيق يُسلط الضوء على الثغرات في التنسيق الاستخباراتي والعسكري، ويُعيد النظر في جاهزية الجيش الإسرائيلي لمواجهة تحديات مماثلة مستقبلًا.