تعاني المنظومة الصحية في قطاع غزة من انهيار غير مسبوق نتيجة الاستهداف المباشر للمدنيين والأعيان المدنية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ما تسبب في دمار هائل وخلف عشرات آلاف الضحايا معظمهم من النساء والأطفال وقد استهدفت قوات الاحتلال المستشفيات والطواقم الطبية وسيارات الإسعاف بشكل مباشر ما أدى إلى إضعاف خدمات الرعاية الصحية وعرقلة وصول الجرحى والمرضى إلى العلاج داخل القطاع وخارجه
وفق التقارير تسببت هجمات الاحتلال في إخراج أربعة وثلاثين مستشفى وثمانين مركزا صحيا عن الخدمة كما دمرت مائة وأربعا وثلاثين سيارة إسعاف واستهدفت مائة واثنتين وستين مؤسسة صحية وأسفرت هذه الاعتداءات عن استشهاد ألف وأربعة وخمسين من أفراد الطواقم الطبية وستة وثمانين من أفراد الدفاع المدني إضافة إلى ذلك أدى إغلاق المعابر إلى منع نقل اثني عشر ألفا وخمسمائة مريض سرطان وثلاثة آلاف مريض بأمراض خطيرة إلى العلاج خارج قطاع غزة ما أدى إلى تفاقم الوضع الصحي وزيادة خطر الوفاة بين المرضى
دمرت قوات الاحتلال عشرة مخازن للأدوية من بينها مخزن الأدوية المركزي في رفح الذي تديره منظمة اليونيسيف ما تسبب في احتراق وفقدان كميات كبيرة من الأدوية وتشوب عملية إدخال الأدوية إلى القطاع العديد من المشكلات حيث منعت قوات الاحتلال دخول أي أدوية أو مستهلكات طبية منذ أكتوبر عام ألفين وثلاثة وعشرين وحتى فبراير عام ألفين وأربعة وعشرين وبعدها سمحت بكميات محدودة لا تغطي سوى عشرة بالمائة من الاحتياج الفعلي
تعاني وزارة الصحة في قطاع غزة من نقص حاد في أدوية الأمراض المزمنة التي يحتاجها المرضى بشكل مستمر حيث وصل العجز في أدوية الرعاية الأولية إلى ثمانين بالمائة وفي أدوية السرطان وأمراض الدم إلى ستين بالمائة ويعاني المرضى من خطر تفاقم حالاتهم الصحية أو الوفاة نتيجة نفاد الأدوية خاصة مرضى السكري الضغط القلب الكلى والأورام
تعكس شهادة السيدة أسمهان البالغة من العمر سبعة وخمسين عاما مريضة سرطان وفشل كلوي الواقع الكارثي للمرضى فقد تقلصت جلسات غسيل الكلى من ثلاث جلسات أسبوعيا إلى جلستين فقط لمدة ساعتين ما تسبب في تدهور حالتها الصحية وتعاني أسمهان من صعوبة التنقل بين المستشفيات بسبب انعدام وسائل المواصلات والقصف المستمر إضافة إلى نقص الغذاء وعدم توفر الأدوية الأساسية لعلاج ضغط الدم مما أدى إلى تدهور حالتها الجسدية والنفسية
يواجه مرضى السكري مضاعفات خطيرة تشمل أمراض القلب تلف الأعصاب تصلب الشرايين وقد تصل إلى خطر الموت فيما يؤدي نقص الأدوية الخاصة بمرضى الضغط إلى الجلطات القلبية والدماغية والفشل الكلوي وبالنسبة لمرضى السرطان يؤدي غياب العلاج إلى تفاقم انتشار المرض وزيادة الألم بينما يواجه مرضى الفشل الكلوي خطر الوفاة نتيجة نقص جلسات الغسيل وتظهر على مرضى الصحة النفسية أعراض خطيرة عند التوقف عن تناول أدويتهم مثل القلق الأرق الاضطرابات المزاجية وقد يصل الأمر إلى الانتحار
في ضوء هذا الواقع الكارثي طالب مركز الميزان لحقوق الإنسان بوقف فوري لإطلاق النار ووقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة كما شدد على ضرورة توفير الحماية للمدنيين وضمان وصول المرضى إلى الرعاية الصحية وإيجاد ممر إنساني آمن لإجلاء الحالات المرضية الخطيرة والجرحى إلى خارج القطاع لإنقاذ حياتهم كما طالب المركز بإدخال الأدوية والمستهلكات الطبية بكميات تغطي الاحتياجات الفعلية والسماح للكوادر والوفود الطبية بالدخول إلى غزة خاصة المختصين بعلاج الأمراض المزمنة وإدخال المعدات اللوجستية اللازمة لتشغيل المنظومة الصحية
يؤكد مركز الميزان أن استمرار استهداف المنشآت الصحية والكوادر الطبية ومنع وصول العلاج يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقية جنيف الرابعة ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية للتحرك العاجل لإنقاذ حياة المدنيين في قطاع غزة