مع دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، عاد العديد من النازحين إلى منازلهم أو إلى مناطق قريبة منها، ليواجهوا أزمة إنسانية متفاقمة تتمثل في انقطاع المياه وتلوث الشوارع بمياه الصرف الصحي. هذا الوضع الكارثي نتج عن التدمير الممنهج الذي قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي، مستهدفة شبكات المياه والبنية التحتية الأساسية، مما جعل الحياة اليومية أكثر صعوبة لسكان القطاع.
تدمير واسع لآبار المياه والبنية التحتية
خلال العدوان الأخير، دمرت قوات الاحتلال مئات الآبار التي كانت تمثل المصدر الرئيسي لمياه الشرب والاستخدام المنزلي والزراعي، إلى جانب استهدافها مصادر الطاقة التي كانت تشغل تلك الآبار. ونتيجة لذلك، أصبحت إمكانية الحصول على المياه تحديًا كبيرًا، حيث يضطر السكان إلى البحث عن حلول بديلة وسط بيئة مليئة بالركام والدمار.
شهادات من قلب الأزمة
المواطن مصطفى شراب، الذي عاد إلى منزله المدمر في خان يونس، يصف الوضع قائلاً: "وجدنا أنفسنا نعيش وسط الخراب دون مياه للشرب أو للاستخدام اليومي، فالاحتلال دمر شبكات المياه والصرف الصحي، ولم يعد هناك إمكانية لنقل المياه بسبب الدمار الهائل في الشوارع."
أما أيمن الأسطل، فيروي معاناته قائلاً: "كان لدينا بئر خاص، لكن جرافات الاحتلال ردمته بالكامل أثناء الاجتياح البري لخان يونس. إعادة تشغيله تتطلب إزالة كميات ضخمة من الركام، وهو أمر شبه مستحيل في ظل نقص المعدات اللازمة."
بدوره، يؤكد إسلام المدهون أن أزمة المياه ازدادت سوءًا بعد عودة النازحين، موضحًا: "أثناء الحرب، كنا نحصل على المياه مرتين أسبوعيًا، لكن بعد العودة، انقطعت تمامًا لأكثر من 15 يومًا. نعتمد على الغواطس التي تعمل بالطاقة الشمسية، لكن في الأيام الغائمة تتوقف هذه الأنظمة، مما يجعل الوضع أكثر مأساوية."
محمد أبو شوقة تحدث عن اضطراره إلى شراء المياه بأسعار مرتفعة بسبب نقص الإمدادات، حيث قال: "اضطررت لدفع 100 شيقل لشراء خزان مياه صغير، وهو مبلغ باهظ في ظل الأزمة الاقتصادية التي نعيشها."
أما خليل سلامة، فأوضح أن شاحنات المياه المجانية أصبحت أقل توافرًا بعد وقف إطلاق النار، مما زاد من صعوبة الحصول على المياه، بينما قال تحسين أبو رمضان: "ما زلت نازحًا في خيمة بمواصي خان يونس رغم أن بيتي في رفح يصلح للسكن، والسبب هو عدم توفر المياه هناك."
حجم الدمار في قطاع غزة
العدوان الإسرائيلي تسبب في خسائر فادحة، حيث تقدر الأضرار الاقتصادية بأكثر من 50 مليار دولار، وشملت الكارثة تدمير 90% من البنية التحتية، بما في ذلك: 330 ألف متر طولي من شبكات المياه. 650 ألف متر طولي من شبكات الصرف الصحي. 2.8 مليون متر طولي من الطرق والشوارع. 3700 كيلومتر طولي من شبكات الكهرباء. استهداف ممنهج لمصادر المياه
لم يقتصر التدمير على المباني والمنازل، بل تعمد الاحتلال تدمير آلاف الآبار والغواطس، سواء تلك التابعة للبلديات أو المملوكة للمواطنين، كما استهدف البنية التحتية للطاقة، مما أدى إلى تعطل محطات الضخ وانعدام القدرة على إيصال المياه إلى السكان.
أزمة إنسانية تتطلب تحركًا عاجلًا
مع استمرار هذه الكارثة الإنسانية، تزداد الحاجة إلى تدخل دولي عاجل لإعادة تأهيل البنية التحتية، وتوفير حلول مستدامة لمشكلة المياه، لضمان الحد الأدنى من الحياة الكريمة لسكان غزة الذين يواجهون أحد أسوأ الأوضاع الإنسانية في العالم.
نقلاً عن وكالة وفا