عرضت قناة «الجزيرة» القطرية مشاهد حصرية لانتشال كتائب القسام لجثة الضابط الإسرائيلي هدار غولدن في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وتظهر المشاهد الحصرية انتشال عناصر القسام برفقة فريق من الصليب الأحمر جثة الضابط من أحد أنفاق رفح.
ويعتبر إعلان كتائب القسام الجناح العسكري لحركة «حماس» عن استخراج جثة غولدن من مدينة رفح ذا رمزية عميقة لدى المجتمع الإسرائيلي، فهو المتبقي الوحيد منذ حرب عام 2014.
ويُعد غولدن أحد أطول الأسرى الإسرائيليين بقاء في قبضة المقاومة داخل القطاع المحاصر، بعد أكثر من 11 عاما على أسره في أوج معركة «العصف المأكول».
ويمثل غولدن، الذي أُسر في الأول من أغسطس/آب 2014، عقدة عسكرية وسياسية لإسرائيل، إذ فشل الجيش الإسرائيلي واستخباراته طوال عقد كامل في استعادته عبر القوة العسكرية أو المفاوضات مع المقاومة الفلسطينية.
وكانت إسرائيل قد طبقت آنذاك -لأول مرة- بروتوكول «هانيبالاً»، الذي يبيح للجيش استخدام قوة عسكرية مفرطة في محاولة للوصول إلى غولدن أو منع أسره «حتى لو وصل الأمر إلى مقتل هذا الجندي الأسير».
كما تبيّن لاحقا أن غولدن يرتبط بصلة قرابة بوزير الجيش الأسبق موشيه يعالون، مما أضفى بعدا سياسيا على قضيته داخل إسرائيل.
وحسب مراسل قناة «الجزيرة» في فلسطين إلياس كرام، فإن رمزية الحدث لا تقتصر على ذلك فحسب، بل تأتي في سياق تفاوضي حساس يرتبط بملف المقاتلين الفلسطينيين العالقين في رفح.
فقد ربطت تقارير صحفية -من بينها موقع أكسيوس الإخباري الأميركي- في الأيام الأخيرة بين تسليم جثة غولدن والسماح بممر آمن لإجلاء نحو 200 مقاتل من القسام عالقين في تلك المنطقة.
ويبدي رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير موافقة على هذا التصور وانتقال هؤلاء المقاتلين إلى منطقة آمنة، في وقت يرفض فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي صفقة جديدة، مؤكدا أن على المقاتلين «الاستسلام أو البقاء تحت الأرض»، قبل أن يتراجع زامير لاحقا عن موافقته.
ومساء السبت، بثت قناة «الجزيرة» مشاهد حصرية توثق انتشال كتائب القسام جثة غولدن برفقة فريق من الصليب الأحمر من أحد أنفاق رفح، بعد عمليات حفر كبيرة.
وقال مصدر قيادي في كتائب القسام للقناة القطرية إن القسام انتشلت أيضا جثامين 6 شهداء من مكان انتشال جثة غولدن.
في السياق ذاته، أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن زامير توجّه إلى منزل عائلة غولدن، مما يعكس احتمال تلقي الجيش تأكيدات بشأن هوية الجثة، في حين لم تُعلن القسام حتى اللحظة نيتها تسليمها رسميا.
في المقابل، ترى أوساط فلسطينية -حسب كرام- أن خطوة القسام تمثل رسالة سياسية مزدوجة هي: الالتزام ببنود التفاهمات السابقة، وفي الوقت نفسه إبقاء ورقة الضغط التفاوضية الأخطر بيدها، مع اقتراب طي أكثر الملفات حساسية في تاريخ الصراع بين المقاومة وإسرائيل.
وبناء على ذلك، قد تشهد الأيام المقبلة تحركات لوجيستية تمهيدا لتسليم الجثة، في ظل مؤشرات على نية المقاومة استكمال الاتفاق القائم الذي بدأ قبل أيام بتسليم جثة الضابط العقيد أساف حمامي، وهو أرفع ضابط تأسره المقاومة في تاريخها.
ويرى كرام أن هذا التطور يأتي في سياق «تطبيق بنود التفاهمات بحذافيرها»، بما يعكس رغبة حركة حماس في الحفاظ على مصداقيتها التفاوضية.
ويوضح أن إسرائيل استعادت في يناير/كانون الثاني الماضي جثة الجندي شاؤول آرون، كما استعادت إبراهام منغيستو وهشام السيد ضمن صفقة تبادل سابقة خلال الحرب الأخيرة، بانتظار تسلم جثة غولدن آخر الأسرى المحتجزين منذ عام 2014.
ومنذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أفرجت المقاومة الفلسطينية عن 20 أسيرا حيّا، وسلّمت جثث 23 من أصل 28، وقد بقيت 5 جثث تعود لأربعة إسرائيليين -بينهم الضابط هدار غولدن الذي انتشلت جثته اليوم من رفح- وتايلاندي.
