مجلس الأمن يصوّت غدًا على تفويض «قوة استقرار» في غزة… مواجهة أميركية–روسية تلوح في الأفق

وفد من الأمم المتحدة يتفقد حوض تجميع مياه الصرف الصحي في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة (26).jpg

يصوّت مجلس الأمن، بعد ظهر الاثنين، على مشروع قرار أميركي تدعمه عواصم عربية وإسلامية لتبنّي «خريطة الطريق» الخاصة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، في خطوة تستهدف تشريع المرحلة الثانية من الخطة ذات البنود العشرين ومنح غطاء قانوني دولي لتشكيل قوة استقرار دولية و«مجلس السلام» لإدارة المرحلة الانتقالية في القطاع. وفي موازاة ذلك، دفعت روسيا بمشروعٍ مضاد يُبقي دور القوة الدولية قيد الدراسة لدى الأمم المتحدة، ويحذف الإشارة إلى «مجلس السلام»، ما يرفع منسوب التوقعات بمواجهة دبلوماسية وربما استخدام «الفيتو».

سباق دبلوماسي قبل التصويت

كثّفت الدبلوماسية الأميركية اتصالاتها خلال الأسابيع الأخيرة لضبط الصياغات وحشد الأصوات التسعة اللازمة لاعتماد القرار، على أن تُعقد جلسة التصويت في الخامسة عصرًا بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة (01:00 فجر الثلاثاء بتوقيت القدس المحتلة). وشهدت المفاوضات جولات متوترة بين الأعضاء الخمسة الدائمين (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين) وبقية الأعضاء العشرة المنتخبين.

وخلال المشاورات، طالبت روسيا وفرنسا والجزائر بنصٍّ أكثر وضوحًا يدعم إقامة الدولة الفلسطينية، فيما دعت الصين إلى إزالة الإحالات المباشرة إلى «خطة ترامب» من متن القرار. كما شدّد عدد من الأعضاء على ضرورة تحديد دور السلطة الفلسطينية في الحكم الانتقالي للقطاع.

وتُظهر المسودّة الأميركية فقرةً تُلمّح إلى أفقٍ سياسي مشروط بالإصلاح، إذ تنصّ على أنه «بعد تنفيذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بإخلاص، وإحراز تقدم في إعادة تنمية غزة، قد تتهيأ الظروف في النهاية لمسار موثوق نحو تقرير المصير والدولة الفلسطينية. ستُنشئ الولايات المتحدة حوارًا بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي للتعايش السلمي والمزدهر.»

سيناريو «الفيتو»… واحتمالات الامتناع

يُتوقَّع – بحسب دبلوماسيين – أن يحصد المشروع الأميركي الأغلبية المطلوبة، مع بقاء احتمال امتناع روسيا والصين قائمًا. لكن شبح «الفيتو» يظل حاضرًا، خصوصًا بعد أن وزّعت موسكو مشروعها البديل الداعي الأمينَ العام أنطونيو غوتيريش إلى تقديم خيارات لنشر قوةٍ دولية لتثبيت الاستقرار، مع رفضٍ صريح لأي تغيير ديموغرافي أو جغرافي في غزة، والتشديد على وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة تحت حكم السلطة الفلسطينية ومرجعية حل الدولتين.

في المقابل، حذّرت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة من «محاولات زرع الفتنة» خلال مرحلة الصياغة الأخيرة، معتبرة أن أي تعطيل ستكون له تبعات مباشرة على الوضع الإنساني في غزة. وأكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن خطة ترامب «أفضل طريق للسلام في الشرق الأوسط»، فيما شدّد المندوب الأميركي الدائم مايك والتز في مقالٍ له على أن معارضة القرار تعني «الانحياز لاستمرار حكم حماس أو العودة إلى الحرب»، داعيًا إلى تفويضٍ يتيح «استخدام كل الوسائل اللازمة» لتأمين الاستقرار. من جهتها، أيّدت المملكة المتحدة المشروع، وكرّرت تمسّكها بـحل الدولتين «مسارًا ذا صدقية» لسلامٍ عادل ودائم.

ماذا يتضمن المشروع الأميركي؟

تتكوّن أحدث صيغة للمشروع الأميركي من 11 فقرة عاملة أبرزها:

المصادقة على «الخطة الشاملة لإنهاء حرب غزة» المعلنة من الرئيس ترامب.

الترحيب بإنشاء «مجلس السلام» بوصفه إدارة انتقالية ذات شخصية قانونية دولية لتأطير التمويل وإعادة تطوير غزة، وذلك إلى حين إنجاز السلطة الفلسطينية برنامج الإصلاح «بصورة مُرضية»، استنادًا إلى مرجعيات منها خطة 2020 والاقتراح السعودي–الفرنسي.

التشديد على الاستئناف الكامل للمساعدات الإنسانية، وتحديد الكيانات الانتقالية المزمع إنشاؤها في غزة.

العمل مع «مجلس السلام» لإنشاء «قوة استقرار دولية مؤقتة» تُنشر تحت قيادة موحّدة مقبولة من «مجلس السلام»، وبمساهماتٍ من دولٍ مشاركة، وبالتشاور الوثيق مع مصر وإسرائيل. وتشمل صلاحيات القوة: الإشراف على الحدود، توفير الأمن، ونزع السلاح من القطاع.

ملامح المشروع الروسي البديل

يقترح المشروع الروسي، المؤلّف من سبع فقرات عاملة:

الترحيب بالمبادرة التي أفضت إلى وقف النار والإفراج عن الرهائن والمعتقلين.

تكليف الأمين العام إعداد تقرير عاجل يتضمن خيارات نشر قوةٍ دولية لتثبيت الاستقرار في غزة.

رفض أي تغيير ديموغرافي أو إقليمي في القطاع.

تجديد الالتزام بـحلّ الدولتين ووحدة غزة والضفة وتواصلهما الإقليمي تحت السلطة الفلسطينية.

وتؤكد البعثة الروسية أن نصّها «لا يتعارض» مع المبادرة الأميركية، بل «يعدّلها» لتتوافق مع قرارات المجلس السابقة وتُبقي المساءلة والرقابة بيد الأمم المتحدة.

يعتمد مصير الخطة على لغة التفويض وشكلها: تفويضٌ قوي يمنح «قوة الاستقرار» أدواتٍ تنفيذية لحماية المدنيين وتهيئة بيئةٍ آمنة للتعافي، أو تفويضٌ محدود يحصرها في مراقبة رمزية ويُطيل مرحلة «لا حرب ولا سلام». وفي جميع الحالات، سيبقى تعريف دور السلطة الفلسطينية، وضمان انسياب المساعدات، وتحديد قواعد الاشتباك ومسؤوليات نزع السلاح، عناوين التفاوض الشائك في اليوم التالي للتصويت.

وبينما تستعد غزة لشتاءٍ قاسٍ وتستمر الأوضاع الإنسانية في التدهور، يراهن الداعمون للمشروع الأميركي على أن تفويضًا واضحًا سيُسرّع الانتقال إلى ترتيباتٍ أمنية وإدارية قابلةٍ للحياة، فيما ترى موسكو وبكين أن مقاربةً أممية أشمل قد تكون أقل كلفةً وأكثر اتساقًا مع مرجعيات المجلس. غدًا، سيحسم مجلس الأمن الوجهة، ويبقى التنفيذ الاختبار الأصعب.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة