العرب دخلوا موسوعة غينس بعدد بيانات الشجب

بقلم: رمزي صادق شاهين


منذ نكبة فلسطين الكُبرى عام 1948م ، اخترعت الزعامات العربية سلاحاً جديداً ضد إسرائيل ، هو سلاح بيانات الشجب والإستنكار ، هذا السلاح الذي فضل زعماء هذه الأمة استخدامه لأنه من وجهة نظرهم لا يؤثر على إسرائيل ، ولا يُغضب أسيادهم في البيت الأبيض ، لذلك استمرت إسرائيل بإستخدام سياسة الضرب والقتل والتدمير واحتلال الشعوب لأنه بالنهاية ستجد بيانات شجب واستنكار .

لقد كانت هناك عدة دلالات على أن سلاح الشجب والاستنكار ، مفروض على هذه الزعامات ، حين أتي بعضهم بالانقلاب ، وآخر بالتآمر ، وواحد باغتيال سلفه ، ومنهم من قام بطرد أبيه ونفيه للخارج حتى يُصبح زعيماً على أمة ضعيفة ، فيمارس ضدها كُل أنواع البلطجة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فيغتصب السلطات ، وينهب الخيرات ، ويمارس التعذيب بحق كُل من عارض توجهاته وسياساته ، وهذه النوعية من الزعامات تلقى الترحيب لدى أصحاب القرار في واشنطن والغرب والعرب أيضاً ، لأنهم بالنهاية يُقاتلون شعوبهم ولا يستطيعون القتال من أجل فلسطين والمسجد الأقصى ، بل على العكس فمنهم من يُريد إنهاء القضية الفلسطينية بطريقة أو بأخرى .

وعندما كانت هناك محاولات من بعض الزعماء العرب ، لاستخدام أي سلاح ضد إسرائيل غير سلاح الشجب وبيانات الاستنكار ، قامت الولايات المتحدة بالتكشير عن أنيابها ، وقلب المعادلة ، فحينها احتلت دول كما فعلت في العراق ، وأسقطت نظام الرئيس الشهيد صدام حسين ، لأنه ببساطة هدد أمن إسرائيل وأمن القواعد الأمريكية في أحضان الدول العربية ، وحاول خلق موازين قوى تقول لإسرائيل أن هناك من يستطيع إيقافك عن جبروتك وقتلك ونهبك لفلسطين أرضاً وشعباً .

المحاولة الثانية هي اغتيال الشهيد القائد ياسر عرفات ، عندما قرر أن يقول كلمة ( لا ) للتنازل والتفريط وبيع فلسطين بأبخس الأثمان ، لكونه مؤمن بأن إسرائيل هي عدو أوحد ولا يمكنها أن تعيش ضمن واقعنا الجغرافي كدولة صديقة أو جارة ، لأن إسرائيل دولة تؤمن فقط بالإرهاب والقتل والنهب ، ولا تريد إلا كُل فلسطين ، وإن أي كذبة غير ذلك هي من نسج خيال بعض المرضى السياسيين ، الذين يحاولون فرض نظرية أن إسرائيل هي دولة محبة للسلام وللتعايش .

إن مثل هذه الأمة تستحق كُل الجوائز والأوسمة ، فهي أمة ضعيفة ، يقودها زعماء خونة ومأجورين ، لا يملكون من القرار ما يؤهلهم لقول الحقيقة ، حتى لو صل الأم لهدم الكعبة المُشرفة أو المسجد الأقصى ، فقد تعمقت البلادة في عقولهم وأجسادهم ، وأصبحوا مجموعة من الخنازير البرية التي تنهش كُل من يقف في وجهها ، للحفاظ على كراسي الحكم والظُلم ، وللحفاظ على أمن إسرائيل وهدوءها .

آن الأوان لأن تُمنح هذه الأمة وزعمائها نوط الشجاعة ، ووسام الاستحقاق ، فهاهي المقدسات في القدس على وشك الهدم ، وهاهو المسجد الأقصى على وشك الانهيار ، وها هي السودان تُقصف بطائرات سلاح الجو الإسرائيلي في وضح النهار ، وهاهي سوريا تموت وشعبها يُباد ، وهانحن في فلسطين نحتضر لأن قضيتنا أصبحت في غرفة العناية الفائقة وتحتاج لمن يقرأ عليها الفاتحة ، لأن زعامات أمتنا مشغولين بجمع ببيع خيرات بلادهم للأمريكان ولليهود .

لهذا فإن أمتنا العربية وزعماءها الميامين ، قد استحقوا الدخول في موسوعة غينس للأرقام القياسية ، فليس أمامهم فرصة للدخول في هذه الموسوعة بالبطولات أو التضحيات ، أو الاختراعات والتقدم التكنولوجي أو حتى الإنساني والاجتماعي والاقتصادي ، بل دخولهم سيكون من خلال أكبر عدد من بيانات الشجب والاستنكار التي اخترعوها كسلاح لفشلهم وضعفهم وهوانهم .

&&&&&&&&&&
إعلامي وكاتـب صحفـي – غـــزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت