مشاهد الموت لا تغيب كثيرا عن قطاع غزة، فما تلبث الاوضاع ان تتدحرج الى الهدوء والرضوخ بالأمر الواقع في ارض القطاع المكلومة من كل شيء، فالهدنة على الضعفاء هي قانون الغاب السائد، ولا يذهب ضحيتها الا الاطفال واليافعون، وجرمهم انهم يقطنون منطقة تسمى قطاع غزة.
في ارض قوس قزح يحتفل الناس بفاتحة العام الجديد بهالة من الفرح والخير والسلامة، الا ان قطاع غزة ينفرد محتفلا بالعام الجديد والثقيل في يومه الثالث بدماء متجددة، هذه المرة لفتى لم يبلغ الـ16ربيعا، قضى بنيران قناص اسرائيلي شرق بلدة جباليا شمال قطاع غزة.
"عدنان جميل ابو خاطر، لم يشهد اهالي "الجرن" مسقط راسه له الا بالهدوء وحسن الخلق وما اقترب من هذه الصفات، ولكن جيش الاحتلال الاسرائيلي لا يعرف الا توصيف القتل وسلب الارواح التي اعتاد عليها ضد الاطفال وكل مشهد قد يكون جميلا في غزة".
في حي الجرن شرق بلدة جباليا، واثناء تشيع جنازة الفتى "ابو خاطر" الى مقبرة بيت لاهيا شمال القطاع كانت الاعين الحمراء التي تقطر دموعا ودماء للرجال ومن خلفهم النساء واصدقاء الفتى هي لغة حالهم، وغيرهم اكتفى بندب الحظ فهي الوسيلة الوحيدة لمن تحجرت دموعه في قلبه وجوفه.
والد الفتى عدنان في عقده الرابع وهو عامل بناء، يجلس في منزله اكثر من عمله، يقول لـ "وكالة قدس نت للأنباء" وهو مدرجا بالدموع "ابني مش حماس ولا فتح ولا جهاد راح ببلاش، حسبي الله ونعم الوكيل"، كلمات كانت قاسية على اذان السامعين"، فمن يرى والده وهو في حالته السيئة، يفضل ان لا يرى والدته او يسمعها عويلها من وراء جدر.
يضيف " لا استطيع الا ان اقول ان لله وان اليه راجعون هذا اقصى ما استطيع التحدث به، اول يوم اجازة من المدرسة، كان مبسوط وبدو يساعدنا في الشغل الذي سوف احصل عليه في اقرب فرصة، لقد كان مطيعا ويخدم اهله، ويصلي في المسجد بانتظام لقد فقدنا عدنان"، يجهش باكيا بصورة لا تدع مجالا للقلب الا ان يخر حزينا.
اما شقيقه محمد 20 عاما يقول" الجيش الاسرائيلي لا يعرف معنى الانسانية بالمطلق، لان شقيقي وحتى لو اقترب من الحدود المفترض ان يتم اطلاق النار بشكل تحذيري، لا ان يتم اطلاق النار مباشرة صوب جسده، لقد كنا نقوم بمساعدة ابي معا".
اما عم الفتى عدنان "49عاما" والذي كان يحب عدنان بشكل كبير قال" لقد كان يخدمني كثيرا، لقد كنت احب هذا الولد، انا اشعر بحزن عميق ولا اعرف كيف اصف شعوري في هذا الموقف، اتمنى ان لا يفقد احدا شخص يحبه لان حاله سيكون سيئا جدا".
وعن كيفية استشهاده قال بعض الفتية وشهود عيان " ان الشهيد ابو خاطر وبعض الفتية اقتربوا من الحدود شرق جباليا ليتنزهوا بعد انتهى الفصل الدراسي الاول، وجلبوا معهم بعض الاطعمة والمشروبات، ويبدو انهم اقتربوا من الحدود بصورة كبيرة فقام الجيش الاسرائيلي بإطلاق النار عليهم واصاب عدنان في منطقة الحوض وفارق الحياة بعدها بساعات".
يذكر ان الفتى عدنان جميل ابو خاطر" 16 عاما" قضى متأثرا بجراحه الحرجة التي اصيب بها أمس الخميس بنيران قناص اسرائيلي قرب مقبرة الشهداء شرق جباليا، واصيب شخص اخر بجراح متوسطة.
تقرير/ يوسف حماد
عدسة "وكالة قدس نت للأنباء" رافقت جنازة تشييع جثمان الشهيد ابو خاطر واعدت هذا التقرير..