قصة عباس ودحلان من البداية إلى النهاية

حقيقة الخلاف بين الرئيس محمود عباس والقيادي الفتحاوي البارز والأسبق محمد دحلان هو تقاسم غنائم السلطة والمال والنفوذ، فلا فرق بين الأول والثاني فكلاهما من مدرسةٍ واحدة وتوجه موحد داخل حركة فتح، وقد اشتركا في تأسيس وترتيب السلطة الفلسطينية مع المرحوم ياسر عرفات، وكان يعتمد عليهما في المفاوضات والأمن، ومن ثم تحالفا ضد سياسات الختيار ونزعوا بعضاً من صلاحياته وحاولا الانقلاب عليه، وتوفي الرجل وهو عليهم غضبان، وكاد أن يفتك بهما لولا حصاره وعصا بوش الغليظة آنذاك، لهذا هما شريكين في الإخفاقات والإنجازات والجرائم، وكل ما حدث أن الرئيس عباس عمل بالمَثل "اتغدى فيه قبل ما يتعشى فيك".

أبرز نقاط ضعف دحلان أنه هُزم في غزة، وظنَّ خاطئاً أن حماس لقمةً سائغة فاختار إقصائها عن شراكتها، كما أنه أعتمد في خطأ ثانٍ على ضعف الرئيس عباس وسهولة إزاحته عن المشهد في الوقت الذي يُريد، فجاهد دحلان أن يرأس أبو مازن السلطة على أمل أن يكون عباس سلم وصول له لرئاسة السلطة والمنظمة. إلا أن الرئيس لم يكن بهذه السذاجة، كما أن حماس حطمت جل أحلامه بضربةٍ قاضية.

بدأت القطيعة بين الرجلين بعيد حسم قطاع غزة لصالح حماس وطرد قوات دحلان، وتحميل دحلان مسؤولية الهزيمة وانتقال السلطة للضفة الغربية، حينها بدأ الرئيس محمود عباس بالتنكر لدحلان وتنصل من أي مسؤوليةٍ وحصرها في دحلان، أما ردُ أبو فادي فجاء متسرعاً كما هو دائماً، وحاول استحداث بديلٍ للرئيس عباس، وقام بتشكيل مجموعاتٍ مسلحةٍ في الضفة وضَخَّ الأموال لشراء بعض الذمم، وحاول إبراز ناصر القدوة، مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة لخلافة محمود عباس، وجعل بيته في رام الله مقراً للغيبة والنميمة والتحشيد ضد الرئيس أبو مازن، وحاول تسويق القدوة لخلافته معتمداً على نسبه القريب من الرئيس الراحل أبو عمار.

كثرت جلسات دحلان الخاصة وأصبح يشوه بصورة واضحة الرئيس أبو مازن ويكشف قصص وخبايا عائلته ونفوذهم، ويتساءل عن نشاطاتهم الاقتصادية والترفيهية، وما لم يكن بحسبان دحلان أن هذه الجلسات كانت تُسجل وتُنقل مباشرةً للرئيس عباس، ويبدو أن أبو فادي بعكس ضباط الأمن المحترفين فهو يكثر من الثرثرة ولديه حب الاستعراض والتعالي وفائض من الثقة بالنفس، مما يُسَهِّل استدراجه للحديث بما يضره.

من المعروف أن الرئيس عباس يُعطي أولوية كبيرة لأسرته وعائلته، ويقوم بدعم أبنائه وتسهيل تجارتهم، ويرفض أي إساءةٍ لهم، لهذا كان رد فعله عنيف خالف كل التوقعات، كما أن بيئة الضفة الغربية لم تقبل بدحلان ولن تقبله مهما أنفق فيها، مما فاقم الأزمة للحال الذي وصلت إليه.

يعلم الرئيس عباس أنه آن الأوان لمغادرته المشهد، فأراد تأمين مستقبل عائلته من انتقام محمد دحلان، لهذا قام بخطوة استباقية يقطع فيها احتمالية عودة دحلان للضفة الغربية ولحركة فتح، فكان مؤتمره المفاجئ والذي كشف فيه معلوماتٍ خطيرة.

من وجهة نظري إن أخطر ما قاله أبو فادي في رده كان تهديده الصريح للرئيس أبو مازن أنه سيدفع الثمن، وأن أولاده وأحفاده سيدفعون معه الثمن، وأعتقد أن دحلان سيتقصد الانتقام من عائلة عباس متى سنحت له الفرصة.

--

إبراهيم محسن المدهون  - غزة فلسطين