القدس ويوم الارض

بقلم: مصطفى إبراهيم

قرار اسرائيل برفض الافراج عن الدفعة الاخيرة من الاسرى خاصة اسرى عرب الداخل والذي كان من المقرر ان تفرج عنهم غدا السبت 29/3, كان متوقعا بعد التسويف والابتزاز الاسرائيلي للفلسطينيين، وربط الافراج عنهم بمصير استمرار المفاوضات، ومحاولتها ابتزاز الادارة الامريكية بالإفراج عن الجاسوس الاسرائيلي جوناثان بولارد المعتقل في امريكا.

الاخبار تقول ان الرئيس محمود عباس يرفض الاستمرار في المفاوضات، و من غير الواضح التزامه الجدي بذلك، وهو ينتظر من كيري ايجاد صيغة ما و الاغلب الاستمرار في المفاوضات لعدة اشهر، وكل الدلائل تشير ان الفشل هو مصيرها، ولا نعلم ما هي توجهاته لمواجهة الضغط الامريكي والتعنت الاسرائيلي، والإصرار على ضرورة الاعتراف بيهودية الدولة كشرط رئيسي لأي اتفاقية سلام.

الفلسطينيون على مفترق طرق صعب وخطير ويعانون من الانقسام والضعف وأوضاع اقتصادية صعبة وأزمات مستمرة على جميع الاصعدة، في ظل ما تقوم به اسرائيل من جرائم يومية، وشروطها وعدم احراز أي تقدم في المفاوضات العبثية.

حكومة اليمين الاسرائيلية مستقرة سياسياً و في اوج تجلياتها ولا تعاني من مشكلات حقيقية تهدد الإطاحة بها، و نتنياهو استطاع ادارة التسعة اشهر الماضية من المفاوضات العبثية بقدرة كبيرة، ومناوراته المستمرة في إدارة الصراع وليس حله وإقناع المجتمع الدولي المتواطئ وعدم جديته في الضغط على اسرائيل، و عدم رفضه لخيار التسوية، وفرض شروطه، مع ان الجميع يعلم انه وحزبه الليكود يرفض حل الدولتين ولم يعد هناك أي امل في التوصل لأي اتفاق مع حكومة من هذا النوع.

يأتي ذلك في الذكرى السنوية الـ 41 ليوم الارض واستمرار الصراع بين الفلسطينيين و اسرائيل واستمرارها في تكثيف الاستيطان ونهب واغتصاب و سرقة الارض الفلسطينية وارتكاب الجرائم اليومية، وعدم الاقرار بحق الفلسطينيين بحقهم في اقامة دولتهم.

كما يأتي في الوقت الذي نشرت في الصحافية عميرة هس تقريرا عن ممثلية دول الاتحاد الأوروبي في القدس ورام الله يحذر من وجود خطر يهدد القدس حيث ذكر التقرير انه منذ تجديد المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في تموز/ يوليو 2013 حصل ارتفاع لم يسبق له مثيل في النشاط الاستيطاني في القدس، وذلك في إطار إستراتيجية إسرائيلية موسعة تهدف إلى استخدام المستوطنات وشق الطرق وإقامة المنتزهات والمواقع السياحية من أجل توسيع القدس عميقا في داخل الضفة الغربية.

و تدهور الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للفلسطينيين في القدس، و أن 39% من سكان القدس هم من الفلسطينيين (نحو 372 ألفا) يخصص لهم نحو 10% من ميزانية بلدية الاحتلال. وأن 80% من المقدسيين، و 85% من الأطفال يعيشون تحت خط الفقر.

و أن 200 ألف من المستوطنين في القدس يعيشون في مستوطنات في شرقي القدس. كما أن 52% من أراضي شرقي القدس ليست معدة للفلسطينيين، وإنما يخصص 35% للمستوطنات، وبالنتيجة فإن احتياجات الفلسطينيين للسكن يمكن أن تقوم على 13% من أراضيهم فقط.

ويشير أيضا إلى أن غالبية المساحة مأهولة، وأن إمكانية البناء المرخص محدودة جدا، وشروط التخطيط والبناء صعبة على التطبيق، وأن عملية تقديم ترخيص بناء مكلفة وتستغرق وقتا طويلا، علما أن 33% من البيوت في شرقي القدس بدون تراخيص إسرائيلية، وأن نحو 93 ألفا من الفلسطينيين يواجهون تهديد التهجير بسبب هدم بيوتهم.

وفي العام 2013، هدمت سلطات الاحتلال 98 منزلا في القدس الشرقية، وهو عدد يماثل عدد البيوت التي هدمت في السنوات الثلاثة السابقة. ما نتج عنه اقتلاع نحو 298 شخصا، بينهم 153 طفلا، من منازلهم.

وتقوم اسرائيل بفرض شروط وتقييد على حرية الحركة، والذي يطال حرية تحرك مواطنين أوروبيين، والذين حصلوا على تصريح بدخول مناطق الضفة الغربية، ويمنعون من دخول القدس والوصول إلى قنصلياتهم.

كما ذكر التقرير ان أكثر من 2000 طالب ونحو 250 معلما يضطرون لعبور حواجز عسكرية يوميا في طريقهم إلى المدرسة. وبسبب فرض قيود على حرية التحرك، والتردد الإسرائيلي في الاعتراف بجامعة القدس فهناك نقص خطير في معلمي الرياضيات والعلوم، ونقص في عدد الأطباء في العيادات.

نحن في خطر و القدس و الارض في خطر ونهب الارض و الاستيطان وتهويد القدس والجرائم والانتهاكات الاسرائيلية والعدوان والحصار، ما زال المشهد الفلسطيني يزداد سوء و قتامة والانقسام يتعزز و ثوبه ممزق لدرجة العري امام تهتك المشروع الوطني، و من دون أي افق يدلل على التوصل لاتفاق داخلي بين مكونات الشعب الفلسطيني.

المرحلة القادمة خطيرة والرئيس عباس هو سيد المشهد ومطلوب منه عدم التمترس امام مواقفه المتكررة بان انهاء الانقسام هو الانتخابات، المصالحة الفلسطينية و المشروع الوطني اكبر من اجراء انتخابات في الاراضي الفلسطينية، من دون اتباع استراتيجية وطنية لمقاومة الاحتلال بجميع الاشكال وتعميق سلاح المقاطعة الدولية والتوجه للأمم المتحدة والانضمام للمؤسسات الدولية يجب ان يكون هو عنوان الكل الفلسطيني.