ملامح الحركة الثقافية الفلسطينية تحت الاحتلال

بقلم: شاكر فريد حسن

رغم القهر والحصار الثقافي والرقابة العسكرية وغياب الحرية، نشأت في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 حركة ثقافية وطنية ذات ملامح ومعالم واضحة حملت معاناة وهموم الناس والجماهير الشعبية. واستطاعت هذه الحركة أن تغرس جذورها في رحم الثورة الوطنية الديمقراطية الفلسطينية والنضال الثوري التحرري لأجل الاستقلال الوطني والتحرر الاجتماعي والاقتصادي.

وقد أدت الطلائع والنخب الأكاديمية الفلسطينية دوراً محورياً هاماً في نمو وتأطير وتنشيط هذه الحركة وتصليب عودها ،من خلال التطور النوعي بين الشكل والمضمون المترافق مع اشراقة وطنية تقدمية واندماج ما بين الأرض والانسان. وكان للأدبيات والصحف والمجلات الثقافية التي ظهرت في تلك الفترة( القدس، الفجر، الشعب، الطليعة، الفجر الأدبي، الكاتب، الميثاق، العهد)وغيرها، مساهمة جليلة في رفد هذه الحركة وتدعيمها ودفعها الى أمام.

ودأبت الحركة الثقافية الفلسطينية بكل أدواتها، على التعبئة الشعبية ونشر الوعي الثوري المقاوم ومحاربة ايديولوجيات اليأس والاحباط وروح الانهزام والاستسلام . ناهيك عن انهاض الهمم والهاب الحماسة المتوقدة بين صفوف الجماهير في الأرياف والمخيمات الفلسطينية .كما ولعب الأدب الفلسطيني تحت الاحتلال عموماً دوراً نضالياً في تصعيد حركة المقاومة والانتفاضة وأكد على الدور الوظيفي للأدب في ما طرحه من نماذج أدبية استهدفت تبصير الجماهير وترشيدها وتعزيز القيم والمبادىء والأفكار الوطنية والتقدمية ، التي تخدم قضايا التحرر والسلم والتقدم والعدالة الاجتماعية.

وتفاعلت الثقافة الفلسطينية مع حركة الواقع ضمن الاتجاه الوطني التقدمي ، وارتبطت جدلياً مع هموم والام الشعب المسحوق الكادح، ونجحت في خلق وارساء تيار ايديولوجي ـ طبقي شكل أساساً للتغيير الجذري في حياة الشعب الفلسطيني النضالية.

وفي مسيرة الحركة الثقافية الفلسطينية برزت ولمعت أقلام كثيرة في مجالات أدبية متنوعة كان لها عميق الأثر على هذه المسيرة وتطورها ونهوضها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:" الراحلة فدوى طوقان ، علي الخليلي ، خليل توما، صبحي الشحروري، محمود شقير، عبد اللطيف عقل، أسعد الأسعد، عبد الناصر صالح، عبد الرحمن عباد، أكرم هنية، زكي العيلة، غريب عسقلاني، محمد أيوب، عبداللـه تايه، جمال بنورة، سامي الكيلاني، سحر خليفة، مفيد دويكات، حمدي الكحلوت، بشير البرغوثي، محمد البطراوي، جاك خزمو ، سميرة الخطيب، توفيق الحاج، ليلى علوش، للي كرنيك، خديجة ابو عرقوب، حسن أبو لبدة، يوسف حامد، عطا القيمري، محمد عبد السلام، ابراهيم جوهر، عادل الاسطه، أحمد حرب، علي عثمان، جميل السلحوت، محمد كمال جبر، محمد أبو النصر، فخري الصالح، وليد الهليس، سميح فرج، عزت الغزاوي، حسين البرغوثي، ماجد الدجاني، محمد حلمي الريشة، باسم الهيجاوي، يوسف المحمود، حافظ البرغوثي، مهيب البرغوثي، لطفي خلف، محمد دلة، محمد علوش ، زياد خداش) وغيرهم كثيرون.

وقد تنوعت الاتجاهات والأساليب وتلونت الأغراض الأدبية في مسار الحركة الثقافية الفلسطينية طوال عمر الاحتلال، وساد الأدب الثوري الطبقي التقدمي والديمقراطي الذي عرك الخبرات الجمالية الحديثة والأشكال الفنية المعاصرة، والتحم بالجماهير، معبراً عن قضاياها وهمومها وأوجاعها داعياً الى ضرورة انتقال مداركها الذوقية ومستوياتها التعليمية والثقافية الى الأرقى ومؤكداً على أهمية تحسين أوضاعها المادية والروحية وضرورة غرس التقاليد الديمقراطية والأخلاق الثورية واستشراف افاق التجارب الثورية العربية والعالمية.

وفي المحصلة النهائية، الحركة الثقافية الفلسطينية هي حركة قوية وراسخة الجذور ، تتحدى الطوق والحصار والجور الاحتلالي وتحمل مشعل الثورة والتغيير، وكسبت مبرر وجودها من ارتباطها بالكفاح الوطني لتصفية الاحتلال ، وتتجسد هموم الطليعة الأدبية الفلسطينية في ربط الأدب بالحياة والمستقبل ، ولذلك فأن روح التفاؤل والأمل، رغم الألم وقتامة الأحداث الجارية، والتعبير عن أماني وطموحات الجماهير الكادحة، هي العنوان العريض الذي تندرج تحته كل الأعمال الابداعية الفلسطينية.