أحيا شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات الذكرى السابعة والستين لنكبته المؤلمة ، وذلك بالعديد من النشاطات والفعاليات النضالية، والمهرجانات الشعبية ، والمسيرات الحاشدة والزيارات إلى القرى الفلسطينية المهجرة والمدمرة في منطقتي الجليل والمثلث .
ويوم النكبة هو يوم حزين وموجع نستحضر فيه واقع المعاناة والتهجير والترحيل والتشتت والطرد من الوطن ، وواقع التراجيديا الفلسطينية الأكثر وجعاً، والأشد وطأة وإيلاما.
ورغم مرور 67 عاماً على النكبة ، التي حلت بشعبنا ، بفعل عمليات التهجير والقتل والمجازر والمذابح وأساليب التهديد والترهيب ، التي مارستها واتبعتها العصابات الصهيونية المسلحة ، إلا أن التغريبة الفلسطينية متواصلة ومستمرة ، والحلم الصهيوني بإقامة "وطن لليهود" خالٍ من السكان العرب لا يزال قائماً ويتعمق يوماً بعد يوم ، من خلال المشاريع الترانسفيرية والمخططات العنصرية الاضطهادية والقهرية الهادفة إلى تهجير وترحيل البقية الباقية من جماهير الشعب الفلسطيني، التي رفضت الهجرة والخروج من موطنها وقاومت بصدورها العارية الترحيل ، وتمسكت بالأرض والوطن والتراب والزيتون ، وحافظت على انتمائها ، وصانت هويتها، ولم تفرط بحقوقها .
وطوال هذه السنوات الطوال من مسيرة الآلام والتشرد والعيش في الخيام والمنافي ، ذاق شعبنا شتى ألوان القهر والظلم والعذاب ، لكنه لم يستسلم ولم يهزم ، بل خاض معارك الكفاح والثورة ، وسطر بدمه وروحه ملاحم البطولة والصمود والنضال والفداء والتضحيات الجسام ، وقدم الآلاف من الشهداء والجرحى والمبعدين على مذبح التحرير والاستقلال والعودة ، وفي كل مناسبة يؤكد إصراره على المواجهة والصمود والتحدي والتمسك بالحقوق المشروعة العادلة ، ورفض جميع مشاريع التوطين والتهجير وتبادل الأراضي .
إن ذكرى النكبة الخامسة والستين تأتي في ظل تزايد المؤامرات والمخططات الأمريكية والصهيونية والرجعية ضد شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة ، وفي صلبها وعمقها قضية اللاجئين وحق العودة ،بهدف تكريس الواقع الاحتلالي وقطع الطريق أمام إقامة الدولة المستقلة ، والتهرب من تنفيذ قرارات الشرعية الدولية . وفي وقت تمارس فيه الضغوط الدولية على القيادة الفلسطينية لإخضاعها العودة إلى طاولة المفاوضات والقبول بالسقف المنخفض، الذي لن يؤدي إلى تحقيق طموحات وأحلام شعبنا في العودة والحرية والاستقلال .
إن حق العودة هو حق مقدس ومشروع للاجئين والمشردين الفلسطينيين في كل أصقاع الدنيا ، الذين طردوا من ديارهم واغتصبت أراضيهم ، وهو ليس منة من أحد، ولا يمكن التنازل عنه والتفريط به . وفي ذكرى النكبة الماثلة أمامنا، ونرى نتائجها وتداعياتها في كل حين ، فان عيون وقلوب كل اللاجئين والمبعدين من الوطن الفلسطيني ، المقيمين في مخيمات البؤس والجوع والشقاء والحرمان ، ترنو وتتطلع إلى ذلك اليوم ،الذي يعود فيه هؤلاء المشردون إلى قراهم ومدنهم ، التي هجروا منها ، عبر جسر العودة .
ختاما: فإن شعبنا الفلسطيني في ذكرى يوم نكبته يجدد العهد والقسم والتصميم على مواصلة مسيرة النضال والمقاومة ، المعمدة بدم الشهداء الأحرار ، والتصدي بكل صلابة لكل مشاريع التفريط والتنازل عن الحقوق وفي مقدمته حق العودة.
ومهما طال الشتات والبعاد والزمان فلا بد من عودة المهجرين والمشردين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم ، وحق العودة لن يسقط يوماً ، وسنعود إلى حينا ، كما تقول سفيرتنا إلى الكواكب والنجوم أميرة الغناء العربي والوطني فيروز ، في رائعتها ، التي كتب كلماتها الشاعر هارون هاشم رشيد ، وتقول كلماتها :
سنرجع يوماً إلى حينا ونغرق في دافئات المنى
سنرجع مهما يمر الزمان وتنأى المسافات بيننا
سنرجع خبرني العندليب غداة التقينا على منحنى
فيا قلب كم شردتنا رياح نصال سنرجع هيا بنا .