سؤال يطرح في كافة الاجتماعات العلنية والغرف المغلقة، عقد دورة المجلس الوطني القادمة هل يمكنها أن تنهي الانقسام و تعيد اللحمة بين شطري الوطن في ظل الأنباء التي تؤكد استبعاد حركتي حماس و الجهاد من دورته، وهل هذه الدورة قادرة فعلا على ترميم منظمة التحرير الفلسطينية الذي أصابها الترهل؟
فما هو مصير المجلس الوطني في ظل الأزمات السياسية المتلاحقة التي تعصف بالواقع الفلسطيني، واى مجلس يطمح أن يراه المواطن من اجل المصلحة العامة، بعيدا عن التحالفات الجانية وتجديد الولاءات القديمة، خاصة أن المجلس بحاجة لدماء جديدة قادرة على إيجاد حلول، و إنهاء الانقسام الذي يعد القنبلة الموقوتة التي ستفجر دورة المجلس الوطني.
هذا و يرى العديد من السياسيين و المحللين، وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"، أن هناك صعوبات كثيرة تنتظر عقد دورة المجلس الوطني القادمة، وأنها ستكون مفصلية في الكثير من القرارات التي سيكون لها تأثير كبير على الواقع الفلسطيني.
هذا و أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تصريحات قبل أيام، السعي لانعقاد المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية في شهر سبتمبر المقبل "لتجديد هيئات المنظمة".
وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس عباس صراحة عن عزمه عقد جلسة للمجلس الذي يعتبر بمثابة برلمان منظمة التحرير الفلسطينية وسط انتقادات الفصائل الفلسطينية من بينها حركة "حماس".
وأعلن أبو مازن خلال اجتماعه مع ممثلي الهيئات التنظيمية وكوادر حركة"فتح" في مدينة رام الله في الضفة الغربية، عن مشاورات تجرى حاليا مع باقي الفصائل الفلسطينية لعقد جلسة للمجلس.
وأعرب الرئيس الفلسطيني عن أمله بعقد جلسة المجلس قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل "لنذهب للعالم ونحن أقوياء".
إعادة بناء النظام السياسي
وحول انعقاد دورة المجلس الوطني في ظل استمرار الانقسام كونه القنبلة التي ستفجر النقاشات داخلة قال الكاتب و المحلل السياسي الدكتور عبد المجيد سويلم وفق ما رصده تقرير" وكالة قدس نت للأنباء"، أغلب الظن أن حالة الانقسام المؤسسي ستنقل النقاش الخاص بها إلى أسئلة المرحلة وأسئلة النظام السياسي، وأسئلة المخارج الممكنة من الأزمة التي يمرّ بها هذا النظام، ليس بهدف الوصول إلى حلول أو توافقات وإنما بهدف عرقلة هذه الحلول ومنع أي نوع جاد من هذه التفاهمات.
وأوضح سويلم، والأمر الأهم هنا هو الكيفية التي من خلالها نضمن لأنفسنا عقد هذه الدورة بحضور الغالبية الساحقة من الأعضاء وبأعلى درجة ممكنة ومتاحة من التمثيل السياسي الوطني، وخصوصاً حركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي».
وأضاف، وإذا تمكنا من توفير هذين العاملين فإن الفرص ستصبح كبيرةً لإعادة بناء النظام السياسي، أما إذا لم نتمكن من ذلك فإن حالة الانقسام ستبدأ بالتهام اللحم الحيّ من الجسد الوطني، وربما نكون أمام حالة انفصال غير معلنة رسمياً في المراحل الأولى وصولاً إلى الإعلان عنها لاحقاً.
عدم ربط المجلس بفيتو حماس
وكان عزام الأحمد مفوض العلاقات الوطنية في حركة "فتح"، اكد على أهمية انعقاد المجلس الوطني، وان لا يكون مرهونا بما وصفه بـ"فيتو حماس"، مؤكدا أهمية انعقاد المجلس في اعادة النظر بالسياسة الفلسطينية خاصة في إطار العلاقة مع حكومة الاحتلال.
ودعا الأحمد إلى عدم ربط انعقاد المجلس بإنهاء "فيتو حماس"، مؤكدا اهميته في إعادة تقييم الوضع السياسي الفلسطيني وخاصة في العلاقة مع اسرائيل، والحفاظ على بقاء منظمة التحرير بعافيتها وعدم فقدان النصاب القانوني والسياسي.
وقال الأحمد:" في حال انهاء "حماس" الانقسام ستصبح جزءاً من عملية انعقاد المجلس الوطني.
وبدأ الانقسام الفلسطيني منتصف عام 2007 إثر سيطرة حماس على قطاع غزة إثر جولات من القتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية وفشلت عدة تفاهمات بعضها برعاية عربية في إنهائه حتى الآن.
بينما جدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، تيسير خالد ، التأكيد على أن موقف " التنفيذية " هو التحضير لانعقاد المجلس الوطني بحضور كل القوى الفلسطينية.
وأشار خالد في تصريح له أمس إلى أن البيان الصادر عن اللجنة التنفيذية في اجتماعها الأخير أكد على ضرورة استمرار المشاورات بين جميع القوى السياسية والشعبية والمجتمعية لتهيئة الأجواء لانعقاد المجلس الوطني .
ونوه إلى أن اللجنة التنفيذية "لم تستبعد من هذه المشاورات أي فصيل ، وإنما كانت حريصة على أن تترك المجال مفتوحًا لاستكمال المشاورات في إطار اللجنة التحضيرية التي تم التوافق عليها مسبقًا مطلع العام في بيروت".
يذكر أن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني قال :"إن مشاورات عقد المجلس الوطني لن تشمل حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي.
وذكر مجدلاني في تصريحات سابقة له أن المشاورات ستقتصر على فصائل منظمة التحرير ومن هو خارج المنظمة لن يشارك فيها أو في اجتماعات المجلس الوطني.
وأشار مجدلاني إلى أن الاتجاه هو عقد المجلس الوطني قبل منتصف الشهر المقبل وذلك في مدينة رام الله وبيروت عبر تقنية الربط التلفزيوني.
ويضم المجلس أكثر من 750 عضوا، ممثلين عن الفصائل والقوى والاتحادات والتجمعات الفلسطينية داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها.
وعقد المجلس الوطني منذ تأسيسه 22 دورة كان آخرها دورة عادية في قطاع غزة عام 1996، ودورة استثنائية عام 2009 في رام الله.
حماس و الجهاد
حركتى حماس و الجهاد حذرتا من عقد المجلس الوطني بعيداً عن الاجماع الوطنى،و أكدت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الأسبوع المنصرم أن ما صدر من تصريحات حول ترتيبات عقد اجتماع المجلس الوطني، لا تخدم المصلحة الوطنية، وتزيد من حالة التوتر والانقسام.
وشددت الحركة، في بيان لها وصل "وكالة قدس نت للأنباء" نسخة عنه، على ضرورة الالتزام بما تم الاتفاق عليه بشأن ترتيب الوضع الفلسطيني وتطوير منظمة التحرير لتصبح إطاراً جامعاً للكل الفلسطيني.
وحذرت مما يجري الإعداد والتحضير له الآن بعيداً عن الاجماع الوطني وهو ما يمثل التفافاً وخروجاً واضحاً عن كل التوافقات التي توصلنا لها سابقاً عبر الحوارات التي تمت في القاهرة برعاية مصرية.
من جهته أكد محمود الزهار رئيس كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية بغزة، أن "الهدف من عقد المجلس الوطني في هذا التوقيت هو التأكيد على شرعية الرئيس محمود عباس الزائفة والمنتهية منذ 2009"، مشيرا الى أن أية قرارات تصدر عنه "غير شرعية وباطلة".
وقال الزهار في تصريح صحفي، إن "المجلس الوطني لا يمثل الكل الفلسطيني بشكله الحالي، وهو يمثل من فصائل لم يبق منها شيء"، مضيفا: "أن المجلس الوطني لايمثل الشارع الفلسطيني لأن القوى الرئيسة والتي أثبتت أنها القوة الأكبر في الانتخابات البلدية في العام 2005 والتشريعي 2006 وهي حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي غير ممثلة فيه".
أبو يوسف: المجلس استحقاق وطني
و أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، أن اجتماع اللجنة التنفيذية الذي كان بالأمس ناقش العديد من القضايا، ومن ضمنها سبل إنجاح عقد المجلس الوطني الفلسطيني، كونه استحقاق وطني يستوجب أن يتم الاستجابة له في ظل كل التحديات القائمة.
وأضاف أبو يوسف "، أن الجميع يدرك مدى أهمية عقد المجلس الوطني من أجل انتخاب لجنة تنفيذية جديدة ومجلس وطني جديد ووضع استراتيجية فلسطينية تحكم عمل منظمة التحرير الفلسطينية خلال المرحلة المقبلة على الصعيد السياسي، خاصة في ظل مخاطر وتحديات كثيرة تواجه المشروع الوطني الفلسطيني، وفي ظل التوقعات بازدياد التصعيد الاحتلالي من قبل حكومة نتنياهو، والموقف الأمريكي المنحاز للاحتلال.
وشدّد في تصريح لـ "وكالة قدس نت للأنباء على أن إنجاح المجلس الوطني يجب أن يكون علي سلم أولويات الجميع، لأهمية هذه الخطوة في تذليل الكثير من العقبات على الساحة الفلسطينية، مشيرا إلى موقف حركة حماس المعارض تجاه عقد المجلس الوطني وفق تصريحاتها الإعلامية.
استبدال أشخاص بآخرين أكثر طواعية
من جهته أكد الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية - مسارات، أن عقد المجلس الوطني ضرورة وطنية تزداد إلحاحيتها كل يوم، لا سيما في ظل المخاطر التي تهدد القضية الفلسطينية، وتفاقم الانقسام وتحوله رويدًا رويدًا إلى انفصال بما يهدد وحدانية التمثيل الفلسطيني.
وفيما يتعلق بشروط إنجاح جلسة الوطني قال المصري فى تحليل نشره عبر صفحته الشخصية بشبكة التواصل الاجتماعي قائلا:" شرط أن يكون عقده خطوة إلى الأمام تهدف إلى استنهاض الشعب، وتوحيد قواه على أساس برنامج جديد، وتجديد الشرعية، وإعادة بناء الحركة الوطنية".
وحذر المصرى من التحالفات المضرة والتى تخدم اهداف شخصية قائلا:" وليس أن تنحصر الأهداف من عقده بهندسة مؤسسات المنظمة على مقاس شخص واحد أو فصيل واحد، والتأكيد على البرنامج السياسي المعتمد منذ أوسلو وحتى الآن بالرغم مما أوصلنا إليه من كارثة، واستبدال أشخاص بآخرين أكثر طواعية، والاستعداد لاستخدام المنظمة باعتبارها المنشئة للسلطة لسد أي فراغ ينشأ بغياب الرئيس، أو استباق أو الرد على عقد مجلس تشريعي بمشاركة كتلة التغيير والإصلاح والنواب المحسوبين على محمد دحلان من خلال رفع الحصانة أو حل المجلس التشريعي بقرار من الحكومة الدستورية وبتغطية من المجلس الوطني.