المشهد السياسي الفلسطيني يشهد حراك عال على كافة الأصعدة، سواء كان محلياً أم عربياً و دولياً من اجل دعم قطار المصالحة الذي بدأ يصل لمحطته الأولى من أجل إنهاء حقبة سوداء من الانقسام بين شطري الوطن.
وفي ظل الرغبة والعجلة بإنهاء هذا الانقسام يتسارع الجميع بإطلاق التصريحات والأحاديث التي تطرح العديد من طرق الخلاص، إلا أن انقسام استمر إلى أحد عشر عاماً يحتاج لوقت لكي يتم معاجلة كل سلبياته، لذا على الجميع ألا يستعجلوا وان ينتظروا أن يسير القطار بسلامة لكي نصل لبر الأمان.
فالكل الآن يدرك أن إنهاء الانقسام بات على بعد ساعات، وذلك في ظل ما يشهده القطاع من حالة نشاط للحالة السياسية التي بدأت تخرج من طيات التصريحات المتشائمة إلى تصريحات إيجابية ملموسة.
تحولات كبيرة في ملف المصالحة
وتعقيبا على ذلك يقول الكاتب والمحلل السياسي منصور أبو كريم مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث، أنه لا شك أن الأيام الأخيرة شهدت تحولات كبيرة في ملف المصالحة الفلسطينية، وهذا مرجعه توافر الإرادة السياسية لدى الأطراف، وخاصة لدى حركة حماس التي أبدت مرونة كبيرة عبر حل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة التوافق الوطني من العمل في غزة، ترافق ذلك مع توفر حاضنة عربية تمثلت في عودة الدور المصري القوي والفعال، بموافقة دولية وإقليمية على إنهاء ملف الانقسام الفلسطيني، وعودة السلطة لغزة استعداداً للحل السياسي، الذي قد يكون مركزه غزة، بما يتطلب سرعة عودة السلطة لغزة وبسط نفوذها على هذا الإقليم الجغرافي.
وأوضح أبو كريم، أن جديد المصالحة الفلسطينية هذه المرة، وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"،هو توفر الإرادة السياسية الحقيقية بضرورة إنهاء الانقسام، عقب إدراك حركة حماس الواقع المحلي والإقليمي والدولي الجديد، مما بات يتطلب منها تقديم مرونة سياسية لضمان استمرار وجودها في النظام السياسي الفلسطيني، بموافقة دولية وإقليمية.
مواصلا حديثه، في مقابل إدراك السلطة الفلسطينية وحركة فتح بأهمية استعادة غزة في هذه اللحظة الفارقة، قبل طرح الولايات المتحدة الأمريكية خطة سلام قد تشكل بداية لتصفية القضية الفلسطينية عبر الحل الإقليمي، الأمر الذي دفعها باتجاه التقارب مع مصر والتفاهم مع حركة حماس، وهذا كله خلق الفرصة المواتية للمصالحة الوطنية، وترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، لكن هذا لا يعني أن طريق المصالحة مفروشة بالورد.
وفود أمنية ودولية
وفي ظل ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي نجد، أن هناك رغبة دولية لإنهاء هذا الملف، ونلمس ذلك من خلال الحديث عن الزيارة المرتقبة لرئيس جهاز المخابرات المصرية خالد فوزي، وكذلك وفد من الأمم المتحدة الذي من المقرر أن يصل قطاع غزة تزامناً مع وصول حكومة الوفاق الوطني برئاسة د.رامي الحمدلله إلى القطاع للوقوف على متابعة تفاهمات المصالحة بالقاهرة و مراسم تسليم حكومة الوفاق مهام عملها.
هذا وأكدت وزارة الداخلية في قطاع غزة على لسان الناطق باسمها إياد البزم جهوزيتها التامة وبذلها كل الجهود بهدف إنجاح زيارة وفد حكومة الوفاق الوطني القادم إلى غزة غدا الاثنين ، و ذلك من أجل عقد اجتماعها يوم الثلاثاء القادم في القطاع ليكون ذلك شهادة على إنهاء الانقسام و انطلاق قطار المصالحة.
وكانت وزارة الداخلية بغزة، عقدت الجمعة الماضية اجتماعاً أمنياً مشتركاً مع وفد أمني من ضباط حرس الرئيس، بحضور وزير الأشغال العامة والإسكان مفيد الحساينة ، وناقش الاجتماع ترتيبات الزيارة المرتقبة للحكومة وكيفية إجراء الترتيبات اللازمة من الناحية الأمنية، وتأمين الشخصيات والزيارة بما يساهم في إنجاحها.
تعكير صفو وفرحة الحس الشعبي
ومع استمرار هذه المساعي لإنهاء الانقسام، نجد استمرار الدعوات للحرص على الوحدة وعدم الفشل أو الانجرار وراء التصريحات الموتورة التي تهدف إلى زعزة الوضع بقطاع غزة، ونلمس ذلك من خلال ما قاله الكاتب والباحث ناصر إسماعيل اليافاوي في تدوينه له عبر شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك، وذلك وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"، بأنه بعد وصول عجلة المصالحة لمحطتها الأولى، كثر اللغط وحديث الافك، وانبرت الألسنة الحاقدة بدس السم، وتعكير صفو وفرحة الحس الشعبي الفلسطيني ، فالكل يبنى أحلام وردية مشروعة، والكل ينظر للمصالحة أنها المسيح المنتظر الذي سيخرج غزة من الظلام إلي النور، وأمام هذا الموج الجارف من الأمل، تخرج علينا فئة ضالة مقنعة بشعارات خبيثة مأجورة تعمل على قتل الحلم حتى الآني منه، وهذا النوع من الأفك أخطر وأحقر أنواع الصراع فاحذروا الافاكين.
اجتماعات في القاهرة
وفي ظل هذا الانتظار لتحقيق المصالحة، لا تزال الشقيقة الكبرى مصر راعية المصالحة تفتح ذراعيها لكل الفصائل الفلسطينية لكي تتحاور تحت مظلتها من أجل إنهاء الانقسام و استعادة الوحدة الوطنية، ونلمس ذلك من خلال ما قاله عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، إن اجتماعا يضم الفصائل الفلسطينية كافة يعقد في القاهرة قريبا، لتشكيل حكومة وحدة وطنية من شأنها التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية (برلمانية).
وبين أبو يوسف في تصريحات صحفيه، أن اجتماعا يضم حركتي "فتح وحماس" سيعقد في القاهرة بعد أسبوع من تمكين الحكومة من عملها في قطاع غزة، يتبعه اجتماع موسع يضم الفصائل الفلسطينية كافة التي وقعت على اتفاق القاهرة.
مطلوب أن نضع أعصابنا في ثلاجة
كذلك دعا الكاتب والمحلل السياسي طلال الشريف إلى استثمار هذا النجاح قائلا: "إن آلاف المقالات والورشات والآف الندوات وملايين الدولارات وملايين الدعوات أطلقها الفلسطينيون لتحقيق المصالحة وها هي المصالحة تتقدم لتنهي حقبة النكبة الثانية من تاريخ شعبنا، لذلك علينا الحرص على المصالحة والوحدة وطول البال وتعلم الدرس جيدا بأن في الوحدة قوة وفي التفرق ضعف في الوحدة تصان الحقوق والقوانين ونكاد نظفر بشئ من العدل أما في الفرقة والانقسام فحدث ولا حرج .
وشدد الشريف على ضرورة عدم التسرع والغضب، وقال وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"، أن الفلسطينيين عصبيين وسارعي الغضب بشكل عام والغزازوة بشكل خاص، لذلك مطلوب لكي نتخلص من الظلم الواقع علينا أن نضع أعصابنا في ثلاجة إذا أردنا الخلاص والقمة والأرض والوظيفة والمكان يتسع للجميع بشرط العدل والعدالة في التوزيع والفرص فهذا ما يجب أن تتمسكوا به دائما.
يذكر انه في 17 سبتمبر / أيلول الجاري، أعلنت حركة "حماس" حل اللجنة الإدارية التي شكلتها في قطاع غزة لإدارة المؤسسات الحكومية، وذلك "استجابة للجهود المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام".
وجاء حل اللجنة في إطار جهود بذلتها مصر خلال الفترة الماضية لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام المتواصل منذ منتصف 2007، في ظل تواجد وفدين من قيادات "حماس" و"فتح" بالعاصمة القاهرة آنذاك.