هل المطالبة برحيل القيادة الفلسطينية فتنةٌ؟

بقلم: فايز أبو شمالة

إذا كانت المطالبة بمحاسبة القيادة الفلسطينية على سلسة الأخطاء التاريخية القاتلة فتنة، فأنا من أشد الدعاة إلى الفتنة، والتخلص فوراً من هذه القيادة التي سامت قرارنا السياسي سوء العذاب!

هذا حق الشعب الفلسطيني النابض بالمقاومة، والرافض للمحتلين، ولا أظن أحداً على وجه الأرض بقادر على لجم أفواه الشعب، وإغلاق منافذ حرية التعبير في المطالبة بالتغيير، وإيجاد البديل عن سنوات طويلة من ضياع الأرض واغتصاب حرية ألاف الفلسطينيين خلف الأسوار الإسرائيلية، دون أن تقدم لهم القيادة طوق نجاة، أو نافذة حرية، وأضرب على ذلك مثلاُ بالأسير كريم يونس ونائل البرغوثي ووليد دقة، وغيرهم مما أمضى في السجون الإسرائيلية ما يزيد عن 35 عاماً، في الوقت الذي تتربع فيه القيادة على عرش التعاون الامني.

وإذا كانت المطالبة بمحاسبة قيادة تربعت على ظهر الشعب غم أنفه عشرات السنين فتنة، فنعم للفتنة التي ستحاسب قيادة اعترفت بدولة إسرائيل مقابل أن تعترف بها إسرائيل ممثلاً شرعياً وحيداً، إن هذه السخرية السياسية التي اعترف بخطئها الدكتور صائب عريقات، هذه الخطيئة كفيلة بإسقاط أي قيادة لدى أكثر شعوب الأرض تخلفاً، فكيف بحال شعب يقدم الشهداء يومياً؟ كيف لا يجرؤ شعب المقاومة على المطالبة بإسقاط القيادة التي أسقطت حقوقه عملياً، ومن العار ألا يطالب الشعب الفلسطيني بسقوط هذه القيادة، والتخلص منها، بل ومحاسبتها على جرائمها السياسية بحق شعبنا.

وهل المطالبة بالشراكة في القرار السياسي فتنة، نحن نطالب علانية بعدم التفرد بالقرار مهما كان التنظيم أو الشخص، ونطالب بتوظيف كل طاقات الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، بما في ذلك طاقة المقاومة المسلحة، ونطالب بالتخلص من اتفاقية أوسلو، ولا نطالب بتشكيل لجان تقبض مالاً وتدرس، وتقبض، لتغلق الملفات على كذبة كبيرة اسمها الاستقلال، حيث تعطل الدوائر، وتغلق المؤسسات، ونقيم احتفالات الرقص والغناء والزغاريد بالاستقلال بعد أن نأخذ الإذن من قادة الاحتلال؟ فأي استقلال هذا الذي يخضع للاحتلال؟

وأي استقلال هذا ومن خلفنا آلاف الأسرى في السجون الإسرائيلية، وأي استقلال هذا ومن خلفنا آلاف المستوطنين، وعلى أرضنا جيش الغزاة؟ وأي انتصار تحقق والأرض تضيع؟ وأي تمسك بالثوابت والقدس تهود؟ وأي وحدة شعب في ظل معاقبة أهل غزة بقطع الرواتب؟ وأي رفض للحصار الإسرائيلي لغزة، وأنتم تحاصرون وتعاقبون أطفال غزة ونساء غزة؟ وأي قيادة هذه التي تدعى مواجهة الاستيطان في الوقت الذي توفر الأمن والأمان للمستوطنين؟.

إنني أدعو 13 تنظيماً فلسطينياً يشارك في غرفة العمليات المشتركة، أدعوكم إلى تشكيل جسم سياسي يكون بديلاً للجسم السياسي الذي يتعاون أمنيا ًمن المخابرات الإسرائيلية، فأنتم عنوان الشعب الفلسطيني الذي تميز بعطائه وتضحياته وجلده على كافة أشكال العذاب والذبح والأسر، هذا الشعب بحاجة إلى قيادة سياسية ترتقي بقرارها إلى مستوى عطائه، قيادة تكون أول مهماتها محاسبة فريق محمود عباس عن فترة تعاونه الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، وتوثيق ما ألحقوه بالقضية الفلسطينية من أضرار وخراب ودمار، والمحاسبة على قدر الجريمة.

على الشعب الفلسطيني أن يسقط القيادة التي تدعي أنها تحارب التطبيع في الوقت الذي تدعو فيه العالم الإسلامي إلى زيارة القدس، وهي تعلم أن ابن رام الله لا يسمح له بزيارة القدس.

على الشعب الفلسطيني أن يسقط هذه القيادة التي استخفت فيه حين دعت إلى اجتماع لمناقشة العدوان على غزة بعد يومين من التوصل لوقف إطلاق النار، ألا تخجل هذه القيادة من شعب فضح الأكذوبة التي لوثت دماء شهدائه، وأرهقت عذاب جرحاه؟

على الشعب الفلسطيني أن يسقط هذه القيادة التي تتهرب من تطبيق قرار المجلس المركزي الصادر بشهر مارس سنة 2015، والقاضي بوقف التعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، هذه القيادة التي شكلت لجنة لدراسة آلية تطبيق القرار، ومن ثم، طالبت اللجنة بتشكيل لجنة، وهكذا تتعد اللجان دون تطبيق قرار، هذه القيادة يجب أن تحاسب، ويجب على شعب المقاومة أن يفتش عن آلية لإنهاء الانقسام وتوحيد الصفوف بشكل إبداعي، متجاوزاً لهذه القيادة، شاطباً لكل هذه الشخصيات التي انحرفت عن الصف، وتاهت في طريق الضلال السياسي.

الفتنة أن يظل البعض يطبل ويرقص ويسحج لقيادة لم تبق من أرض فلسطين مساحة قبر نواري فيه جثث الشهداء.

د. فايز أبو شمالة