ماذا يعني تحميل تطبيق "المنسق" الإسرائيلي على جوالك؟؟

تطبيق المنسق الإسرائيلي
  •   د. عبد الله عدوي
  • باحث وأكاديمي متخصص في الإعلام

مع انتشار استخدام أجهزة الهواتف الذكية واللوحية باتت للتطبيقات الإلكترونية أهمية كبيرة لدى المستخدمين، فمجرد امتلاكك لجهاز ذكي تبدأ بتحميل التطبيقات؛ سواء المشهورة منها كالفيس بوك والواتس أب وغيرها، أو التطبيقات التي تحتاجها بحكم العمل أو تسيير شؤون حياتك كالمطاعم ومكاتب التكسي وغيرها، وقد اعتاد الكثيرون تحميل هذه التطبيقات دون الاهتمام بقراءة الشروط المدرجة مقابل إتاحة استخدامها المجاني من قبل منتجيها، فضلا عن عدم الاهتمام بالجهة التي تقف خلفها.

في الساحة الفلسطينية كما مختلف بيئات العالم، ظهرت تطبيقات محلية؛ رسمية وخاصة، شكلت نقلة في تسهيل المعاملات والإجراءات والخدمات، وكون الاحتلال الإسرائيلي جزء من المنظومة الإدارية التي يحتاجها المواطنون، تلبية لبعض الخدمات كالحصول على التصاريح للعمل والعلاج، ولتنفيذ الأعمال التجارية، ورفع المنع الأمني، فقد سعى الاحتلال للدخول على خط التكنولوجيا من بوابة تسهيل إجراء المعاملات للفلسطينيين، فظهر تطبيق "المنسق" الذي يقوم بهذا الدور.

لكن ماذا يعني أن يكون لدي تطبيق على جهازي؟

تشترط التطبيقات التي نقوم بتحميلها شروطا مقابل الاستخدام المجاني لها، من قبيل السماح لها بالولوج لكاميرا الهاتف أو الصور المخزنة والأرقام المسجلة والميكرفون...، لك أن ترجع لجهازك وتجرب ذلك بنفسك، لذا فإن هناك أهدافا ظاهرة للشركات وملّاك التطبيقات، تتمثل في خدمة الجمهور وتيسير معاملاتهم، فضلا عن الهدف الأهم وهو البيانات، فبغية أغلبهم هي الحصول على بيانات المستخدمين، فمن يملك البيانات يملك قوة هائلة تمكنه من تحقيق مصالح كثيرة وكبيرة، فالبيانات وتحليلها يقود إلى فهم المستخدمين، ومن ثم يقود الفهم لمعرفة حاجات ورغبات وتوجهات الجمهور، فيمكن من خلالها معرفة الأسلوب الأمثل للتعامل معه، فبيانات المستخدمين تسهل على مالك التطبيق تحقيق أهداف اقتصادية والترويج للإعلانات، كما تخدم الحكومات والجهات التي لديها أجندات سياسية في تحقيق مرادها من الجمهور.

في الحالة الفلسطينية شكلت الصورة مادة ابتزاز من قبل السلطات الإسرائيلية، وقع ضحيتها الكثيرون ممن عرضت عليهم صورهم أثناء مشاركتهم في أنشطة ضد الاحتلال، فالصورة هي الطريق الأقصر لإثبات الأحداث وتصديق الحجج، حتى بات الاحتلال يزرع كاميراته في مختلف المناطق الفلسطينية؛ سواء بصورة كاميرات محملة على أبراج تراقب مدن ومناطق واسعة، أو من خلال الكاميرات التي يزرعها جيش الاحتلال خفية في الأزقة والشوارع، ناهيك عن استفادته في حالات كثيرة من كاميرات المحلات الفلسطينية التي يستولي عليها عقب أي عملية لمعرفة ما جرى في محيطها.

لم تعد الكاميرات التقليدية سبيل الاحتلال الوحيد للحصول على المعلومات، إذ إن التكنولوجيا منحته قدرة كبيرة على معرفة الكثير مما توفره بنفسك وبكامل إرادتك، فاشتراكك في تطبيق كـ"المنسق" يجعلك تساهم في توفير مخزون معلوماتي كامل عنك لدى الاحتلال؛ من صور خاصة، وفيديو، وأرقام الاتصال التي لديك، ومحادثاتك الخاصة، وكل ما يحتويه جهازك، في هذه الحالة أنت لا تعطي للاحتلال المواد التي في جهازك فحسب، بقدر ما تعطيه شخصيتك وتسلمه نفسك، ليتمكن من فهمك من خلال تحليل كم البيانات التي حصل عليها، بل والتنبؤ بما يمكنك القيام به مستقبلا، هذا ليس كلاما عاما بقدر ما هو معلومات حقيقية لما يمكن للبيانات أن تمنحه لمن يملكها.

ليس تطبيق المنسق السبيل الوحيد للاحتلال للولوج لمعلومات وبيانات الفلسطينيين، فإنشاء تطبيقات بمسميات وخدمات مختلفة أمرا يسيرا، فقد يكون السبيل من بوابة تعليمية أو تثقيفية أو إخبارية أو دينية ... لذا فحري بالجمهور الفلسطيني عموما الاهتمام بالتربية الإعلامية لفهم كيفية استخدام وسائل الاتصال بصورة صحيحة، وهو ما تفتقده مؤسساتنا التعليمية المدرسية والجامعية _مع كل أسف_ فضلا عن المؤسسات الأخرى حتى الإعلامية منها، في حين تجد مدارس في دول مختلفة تفرض على طلابها ومنذ المرحلة الابتدائية مادة التربية الإعلامية لينشأ الطفل على فهم كيفية التعامل الصحيح مع الكم الهائل من المواد والوسائل الإعلامية التي يتعرض له يوميا.

لكن كيف يتعامل العمال المجبرون على الحصول على التصاريح من خلال تطبيق المنسق؟ سؤال يدور في خلد كل مضطر أجبر على استخدامه. إن الفهم هو السبيل الأقصر لحسن الاستفادة من منتجات التكنولوجيا، فيجب أن يعلم المستخدم أن كل محتويات هاتفه قد تنتقل لمالك التطبيق، وفي ضوء علمه بذلك يجب أن يتصرف، وبالتالي لا يكون لديه ردة فعل صادمة إذا وجه بمعلوماته الخاصة من أي كان، فهو يعلم مسبقا أنها تصله من خلال البرامج التي يستخدمها، كما أن كل شخص يحدد ما يمكن أن يصل للآخرين من خلال ما يحفظه في جهازه، فمن أراد الحفاظ على خصوصيته فلا داعي لحفظ الصور الخاصة والعائلية على جهازه، حماية لنفسه وعائلته من وصولها للآخرين.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت