- عمر حلمي الغول
الشعب العربي الفلسطيني يرتبط بعلاقات عميقة وراسخة مع كل الاشقاء العرب من المحيط إلى الخليج، ويحرص الفلسطينيون قيادة واحزابا وفصائلا ونخبا على تجذير وحماية هذة العلاقات، إدراكا منهم على اهمية البعد الاستراتيجي للحاضنة القومية العربية، وحرصا منهم على ديمومة وتطور هذة العلاقات، رغم إدراك الجميع بوجود تباينات واحيانا تناقضات مع العديد من الانظمة السياسية، إلآ ان الثابت في الرؤية السياسية والاجتماعية والثقافية الفلسطينية تعزيز العروة الوثقى مع كل الشعوب العربية دون استثناء.
لكن في العلاقات البينية بين الشعب الفلسطيني واشقائه العرب توجد روابط ذات مستويات متباينة نسبيا بحكم عوامل الجغرافيا والتداخل الديمغرافي والمركبات السياسية للانظمة الشقيقة المختلفة، فمثلا دول الطوق العربية على تماس اقوى مع الواقع الفلسطيني، وفيما بينها ايضا تمايز نسبي موضوعيا بحكم التداخل الأسري والاجتماعي عموما، يحتل الأردن الشقيق مكانة اولى، ليس لإن نسبة اللاجئين الفلسطينيين هي الاعلى في المملكة الاردنية، ولا لإن الأردن ضم الضفة الفلسطينية بعد نكبة عام 1948، التي ضاعفت من الروابط الأسرية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية، وانما لكل ذلك، وللروابط التاريخية بين الشعبين الشقيقين.
ولهذا ما يجري في ضفة الاردن الشرقية يمس مباشرة المصالح الحيوية الفلسطينية، والعكس صحيح. كما ان العلاقة بين القيادتين السياسيتين في العقود الاربعة الأخيرة تعمقت وتوسعت، وتسير بخط لولبي صاعد بما يخدم مصالح الشعبين والقيادتين والاهداف المشتركة. وعليه كانت القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس اول من اعلن عن وقوفها قبل يومين إلى جانب قيادة المملكة الاردنية عموما وجلالة الملك عبد الله خصوصا، وضد اي مساس بأمن وسلامة وسيادة الأردن الشقيق، ودون اي تردد في ضوء التطورات الأخيرة. لإدراك قيادة منظمة التحرير اهمية دور ومكانة التوأم الشقيق، ولما للتداخل العميق بين البلدين والشعبين والقيادتين من انعكاس مباشر على الوضع الفلسطيني الداخلي، واثر ذلك على مواجهة التحديات الإسرائيلية.
كما ان ما حصل في الايام الماضية حسب كل المعطيات الراشحة من وسائل الاعلام المختلفة وخاصة الاردنية له عميق الصلة بصفقة القرن الأميركية، التي مازالت ذيولها حتى اللحظة جاثمة في المشهد الفلسطيني الإسرائيلي. لا سيما وان صفقة العار قبل ان تكون ترامبية، هي بالأساس صهيونية، اعدها فريق ترامب الصهيوني كوشنير وغرينبلات وفريدمان بالتوافق والتكامل مع نتنياهو الفاسد، رئيس حكومة اليمين المتطرف. اضف إلى ان المملكة الاردنية تقوم بدور الوصاية على الاماكن المقدسة في العاصمة الفلسطينية الابدية عموما والمسجد الاقصى خصوصا. وبالتالي ما جرى ليس منفصلا عن الشأن الفلسطيني الوطني، انما هو في صميم المصالح الوطنية.
ولا اضيف جديدا بالتأكيد على ان الدول ، التي وقفت خلف محاولة الإنقلاب على العرش الاردني والنظام السياسي عموما وفي مقدمتها دولة المشروع الصهيوني، كما اعلن وزير الخارجية الاردني تستهدف تمرير صفقة العار، ووضع اليد على الاماكن الدينية عموما والمسجد الاقصى تحديا من خلال الإتيان بانصارهم ومن يتساوق معهم.
إذا وقوف فلسطين مع المملكة شعبا وحكومة وملكا نابع من الإدراك العميق لمكانة الاردن التوأم، ودفاعا عن المصالح الوطنية الفلسطينية وتعميقا للروابط الأخوية المشتركة بين الشعبين والقيادتين، وليس مِنةً، ولا مداهنة، ولا مجاملة، ولا لحسابات نفعية خاصة، انما للحسابات الوطنية والقومية المشتركة بين التوأمين الفلسطيني الاردني. لا سيما وان الاردن يمثل احد رئتي فلسطين (مصر والاردن)، التي لا يمكن التفريط بها، او غض النظر عما يصيبه، او يمسه من ضرر وسوء.
وستبقى القيادة الفلسطينية برئاسة ابو مازن وكل اركان القيادة والقوى السياسية بمشاربها وتوجهاتها وخلفياتها المختلفة مع الأردن الشقيق، ولن تحيد قيد انملة عن ثوابتها في العلاقة المشتركة مع الأسرة الهاشمية والنظام السياسي الشقيق. لإن سلامة الاردن، تعني بشكل مباشر سلامة فلسطين بمعايير اللحظة الراهنة والمستقبل، الذي نطمح لتحقيقه باستقلال دولة فلسطين وترسيخ سيادتها على حدودها الكاملة المحددة بحدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت