- نداء بفتح ملف استعادة ملكيات اللاجئين ما قبل النكبة... والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية من موقع المسؤولية القانونية والأخلاقية
وجهت مؤسسة القدس الدولية رسالةً عاجلةً إلى ملك الأردن عبد الله الثاني مناشدةً إياه النجدة العاجلة لأهالي الشيخ جراح المهددين بالتهجير، والذين أمهلت سلطات الاحتلال بعضهم حتى الأحد 2-5-2021 لإخلائهم من بيوتهم لصالح جمعياتٍ استيطانية متطرفة، وقد سلمت الرسالة للسفير الأردني في بيروت وأرسلت نسخ منها إلى وزارة الخارجية والديوان الملكي الأردني.
وتوجهت الرسالة إلى ملك الأردن بنداءٍ لفتح ملف ملكيات اللاجئين ما قبل 1948 كردٍّ سياسي في وجه محاولة الاحتلال فرض نكبة ثانية على الحي، وبأن يتوجه الأردن باعتباره الدولة الضامنة لحق أهالي الحي إلى محكمة الجنايات الدولية لأن تهجير السكان الأصليين وجلب مستوطنين تابعين للقوة المحتلة في مكانهم هو جريمة حربٍ موصوفة، وبتوفير الوثائق الأصلية المختومة لأهالي الحي لتعزيز موقفهم وصمودهم كإجراء حدٍّ أدنى مؤقت، مشددة على أن محكمة الاحتلال ليست مرجعية مقبولة للبت في القضية ولا يصح التوقف عند تحسين الموقف في أروقتها.
وقد افتتحت الرسالة العاجلة التي وقعها أعضاء هيئة الرئاسة في مؤسسة القدس الدولية: الأستاذ بشارة مرهج وزير الداخلية اللبناني الأسبق، والأستاذ خالد السفياني المنسق العام للمؤتمر القومي-الإسلامي من المغرب، والشيخ حميد بن عبد الله الأحمر رئيس رابطة برلمانيون من أجل القدس من اليمن؛ افتتحت بإجمال السياق التاريخي لتشكل قضية حي الشيخ جراح، حيث بدأ الاستيطان الصهيوني في حي الشيخ جراح منذ منتصف القرن التاسع عشر إذ "استغلت أولى الجمعيات الصهيونية الدينية المبكرة ثقافة بلادنا السمحة لاستئجار أرضٍ وقفٍ ذري تعود لعائلتي معّو السعدي وحجازي، ومن ثم عادت بعد احتلال شرقي القدس لانتحال صفة الملكية بوثيقة بيعٍ مزورة ليس لها أصل ولا رقم في الوثائق العثمانية ".
وتابعت الرسالة:" ثم حولت أصحاب الأرض إلى مستأجرين باتفاقية مع محاميهم ليخون ثقة موكليه، واعتبرت التزوير وخيانة الثقة أسس ملكية لا تقبل الطعن وتوجب إخلاء سكان الحي من بيوتهم، تحقيقاً لأجندة استيطانية إحلالية ترى في حي الشيخ جراح امتداداً للجامعة العبرية ومستوطنة التلة الفرنسية للاتصال بغرب القدس، وتشكيل قاطعٍ عرضي شمالي متصل للاستيطان في المدينة ".
وأعادت المؤسسة في رسالتها التأكيد بأنّ الأردن هو الدولة الضامنة لحق هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين من أهالي كرم الجاعوني في حي الشيخ جراح، وصاحب المسؤولية السياسية والإنسانية والأخلاقية تجاههم، إذ أنّ أصحاب البيوت الثمانية والعشرين في حي الشيخ جراح قد كانوا لاجئين من بعد حرب 1948 وحصلوا على بيوتهم باتفاقيةٍ ما بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) ووزارة التعمير والإنشاء الأردنية عام 1956؛ كانت تقضي بتنازلهم عن بطاقات المؤن الزرقاء من الوكالة مقابل بناء وحداتٍ سكنية لهم، والوعد بتمليكهم إياها بعد ثلاث سنوات من الاتفاقية، وهو الوعد الذي تأخر تنفيذه من طرف الحكومة الأردنية لأسباب بيروقراطية حتى وقع الاحتلال.
وتوجهت المؤسسة في رسالتها إلى عاهل الأردن بنداءٍ عاجل للتحرك على مسارات متعددة، أبرزها:"أن يطالب الأردن كدولة ضامنة بإعادة الملكيات الأصلية لأهل حي الشيخ جراح في المجدل وحيفا وغربي القدس"، فمن الناحية السياسية بحسب الرسالة- تقوم الدعوى الصهيونية في الحي على استعادة الصهاينة لأملاكٍ مزعومةٍ لهم تعود إلى ما قبل حرب عام 1948، وهي الأملاك التي لطالما كان الكيان الصهيوني يرفض عودة اللاجئين إليها أو استعادتها باعتبارهم خسروها في الحرب، وأوضحت الرسالة:"وما دامت حكومة الاحتلال تفتح اليوم عبر قضية الشيخ جراح حق "لاجئين" صهاينة من تلك الحرب؛ فهذا يعني إقرارها بحقوق ملكية الأفراد ما قبل النكبة من حيث المبدأ"، وهو ما يفتح كذلك ملف ملكيات 2,2 مليون لاجئ فلسطيني بحسب إحصائيات الأونروا، يستضيفهم الأردن منذ 73 عاماً.
أما المسار الثاني فيُطالب الجانب الرسمي الأردني بأن يرفع قضية حي الشيخ جراح إلى محكمة الجنايات الدولية ومحاسبة المجرمين، وذكّرت الرسالة في هذا السياق بقضية الخان الأحمر "الذي تراجع الاحتلال عن هدمه وقضمه بعد أيامٍ فقط من إعلان المدعية العامة لمحكمة جرائم الحرب الدولية أنها قد تنظر في اعتبار ذلك التهجير جريمة حرب تقع ضمن اختصاص المحكمة" وذلك في شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 2018.
أما في المسار الثالث فقد ناشدت فيه المؤسسة ملك الأردن "توجيهه السامي بتزويد أهالي حي الشيخ جراح بنسخٍ أصلية مختومة من الاتفاقية، وبالتعهد الحكومي الأصلي المختوم بنقل ملكية الأراضي إليهم بعد ثلاث سنوات من توقيع الاتفاقية الأولية، بما يعزز موقف أصحاب الحي في الدفاع عن أرضهم وبيوتهم بانتظار التحرك السياسي".
وتعقيباً على المطلب الثالث أوضحت المؤسسة:"غنيٌ عن التأكيد عدم جواز اعتبار المحكمة الصهيونية التي سبق أن قبلت التزوير وخيانة الأمانة أسساً حكمت بملكية المستوطنين لتلك الأرض انطلاقاً منها" مرجعاً، لكون "هذه المحكمة ليست إلا ذراعاً استعمارياً لا يصح بحال أن تقف الأمة أمامها منتظرة رأيها في حقٍّ ناصع لا يقبل الطمس أو التنازل".
وقد ختمت الرسالة بـالـ"تطلع إلى تحرك جلالتكم العاجل لنصرة الحق، والحفاظ على هوية القدس، وإغاثة مظلومٍ يحتم الواجب نصرته، وهذا العهد بكم وبالإرث الهاشمي العريق، وبعروبة ونخوة الأردنيين النشامى". ويذكر أن قضية حي الشيخ جراح بدأت منذ عام 1972 عندما حاولت جمعيات استيطانية ادعاء ملكيتها للحي، وقد تم إخلاء العائلات الثلاثة الأولى من الحي في عامي 2008-2009 وهي عائلات الكرد وحنون وغاوي، واليوم تمهل محكمة الاحتلال سبعة من العائلات لإخلاء بيوتها بحلول 2-5-2021، وخمس عائلات أخرى بحلول 1-8-2021؛ وفي حال نفذت سلطات الاحتلال هذه الإخلاءات فإنها تكون قد طردت 15 عائلة من أصل 28 في حي كرم الجاعوني، وهو ما تعمل تلك العائلات وأهالي الحي على مواجهته عبر حملات متتالية على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وبالفعاليات الشعبية في الحي.