- المحامي علي ابوحبله
قال رئيس الوزراء د. محمد اشتية في مستهل تشكيل حكومته " سنكون أوفياء للقلم وحرية الصحافة والتعبير، وقبول الانتقاد البناء والعمل عليه ، لكن للأسف ما يجري من محاولات لتكميم الأفواه وتجاوز للقوانين وخنق للحريات جميعها تشكل مساس بحرية الرأي والرأي الآخر ضمن سياسة الترهيب والترغيب التي تمارسها الحكومة في غياب المسائلة والمحاسبة كنّا نعتقد بأنّ فلسطين حالة استثنائية في الوطن العربي، وأنّها بعيدة عن ممارسات الاعتقال السياسي، لأنّها البلد العربي الذي يخضع لاستعمار استيطاني اقتلاعي، ويعيش قضية تحرّر وطني. لكن تبيّن أنّ النظام السياسي كما يبدوا لا يختلف في أسلوبه وتعاطيه عن اﻷنظمة العربية التابعة للمنظومة الرأسمالية، وهو جزء من الإرث القائم على التفرد ، الاعتقال المنهجي بحق النقاد وأصحاب الرأي المختلف والمعارضين، إضافة إلى التضييق عليهم لوقف نشاطاتهم. حيث تقوم القوات الأمنية، خلال الاعتقالات التعسّفية، بمعاقبة وإهانة المعتقلين، واستخدام وسائل تعذيب ، كما وثّقتها المؤسسات الحقوقية.
في الحالة الاستثنائية التي يعيشها الشعب الفلسطيني ، يُعتبر الاعتقال السياسي ضرباً للهوية الوطنية واضطهاداً فكريّاً، إنّ الاعتقال التعسّفي، بسبب رأي معارض أو تظاهرة بطرق سلمية في بقايا وطن سرقه الاحتلال، يسيء إلى تاريخ الشعب الفلسطيني ونضالا ته ، فلا يمكن أن تكون سلطة «وطنية» في الضفة الغربية، أو حركة «مقاومة» في قطاع غزة، عندما تمارس فعل الاعتقال. هل يمكن لشعب يعيش تحت الاحتلال يمارس سلطته بلا سيادة وطنيه أن يمارس الاعتقال بشتى أنواعه بحق معارضيه هذه التشكيلة لا يمكن أن تحترم الرأي الناقد والمعارض. لقد أشار فرانز فانون إلى أنّ المستعْمَرين يتحاربون في معارك جانبية، وينسون مواجهة المعركة الحقيقية مع المستعْمِر.
ويُعتبر الاعتقال السياسي في الديمقراطيات العرجاء والتابعة دليلاً صارخاً على هذه المعارك الداخلية، فهذه سمات الأنظمة المهزومة التي قام فانون بتحليلها سيكولوجياً، ووضّح لنا كيف ينشغل المستعمرون بالصراعات بينهم، لرغبتهم بالشعور بالنصر في انتصاراتٍ وهمية تعوّضهم عن الهزيمة في المعركة الحقيقة ضد المستعْمِر. يعيش الشعب الفلسطيني حالةً من عدم الثقة بالقيادة الفلسطينية، ويزداد غضب المواطنين الذين ليسوا بحاجة لقهر سياسي وضغط إضافي، في زمن التيه الفلسطيني الذي أصبح أكبر من قدرة الناس على احتماله. إنّ هذه الممارسات القمعية هي إضافة غير محتملة لمعاناة الفلسطينيين من الاحتلال الصهيوني، وما تتعرّض له قضية فلسطين من خطر التصفية حيث يعلن الاحتلال ممثلا بحكومة التغيير عن خطته للضم وتهويد القدس والتوسع الاستيطاني ويهودية ألدوله ، وهي المهزلة الأخيرة من فخ أوسلو. ألا يكفي القهر والمعاناة لشعب يرزح تحت احتلالٍ بغيضٍ، يبطش بالوطن ويقمع حقوقنا الوطنية؟. فلا يجوز بأي حال من الأحوال ونحن نعيش الاحتلال سلب حرية الرأي، ولكلّ إنسان الحق في الأمن والأمان.
تحرج هذه الممارساتُ التي تمارس بحق شعبنا ونحن نعيش الاحتلال كل الساعين للتحرر من بطش وسلطوية الاحتلال ، خصوصاً أنّ منظمات حقوق الإنسان باتت تدين قمع الحريات على المستوى العالمي، وتنتقد انتهاك السلطات الفلسطينية لمعتقلي الرأي. ما جرى، أخيراً، من اعتقال للناشط نزار بنات ووفاته بعد اعتقاله يجب التوقف عندها فهذه ليست الأولى ولن تكون الاخيره في سلسلة الجرائم المرتكبة بحق المعارضين وأصحاب الرأي ، وان محاولات التهرب من مسؤولية الجريمة وإحالتها للجنة تحقيق تشكلها الحكومة ، تحمل دلالات مهمة، وهي أن الاعتقال والتعذيب والملاحقة جميعها أدوات لا يستطيع الاستغناء عنه كوسيلة للاستمرار في تكميم الأفواه وفي تعارض واضح مع العهود التي قطعتها الحكومة عند تشكيلها ، وأيضا لا يمكن للحكومة أن تتخلى عن الرأي العام، كمؤيد لأي فعل تتبناه .
أما الاعتقال السياسي نفسه، فيحمل ثلاث دلالات مهمة، وهي أن المُعتقل السياسي، له صوت يتجاوز الجدار الصوتي للدولة الديكتاتورية، وأن القضاء لم يبلغ بعد سن الرشد ليستقيل بنفسه، ولن يبلغه، ما دام النظام الديكتاتوري قائما، أما الدلالة الثالثة فهي أن النظام الديكتاتوري لا يستطيع أن يصمد أمام منطقية الحوار الحضاري، فيلجأ إلى وسائل بدائية أكل عليها الدهر وشرب. وهنا تستحضرنا المادة (19) " لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون. وقد جعل الإسلام للنفس الإنسانية مكانة محترمة، فمدح في كتابه الكريم إحياء النفس وذم قتلها فقال تعالى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) [سورة المائدة ـ الآية 32] وان محاولات تبرير قتل المواطن الفلسطيني الناشط نزار بنات من قبل البعض هو تساوق غير مبرر مع فداحة الحدث خاصة أن قتل الإنسان جريمة كبرى لا يرضاها الله تعالى، ولا يرضاها الأنبياء ولا سُمح بها بجميع الكتب السماوية التي أنزلها الله على رسله (سلام الله عليهم أجمعين).
لذا نطلب الجميع إتباع الشرائع السماوية بألا يتقاتلوا ولا يعينوا قاتلا، ولا يشتركوا في قتل أحد من البشر مهما كان دينه أو طائفته، ولنتعاون جميعا على البر والتقوى ولا نتعاون على الإثم والعدوان، كما جاء في كتاب الله وعليه فان الاعتقال لمجرد إبداء الرأي هو أمر خارج عن القانون الأساس الفلسطيني ويتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي وهو أمر مرفوض بكل المقاييس والأعراف المتعارف عليها وان التحقيق المطلوب هو التحقيق الحيادي والمهني الشفاف والموضوعي ويتطلب مسائلة كل من كان له في محاولة تكميم الأفواه وتقييد حرية الرأي مهما كان موقعه ومسائلته ومعاقبته وفي المحصلة المرحوم الشهيد نزار بنات هو شهيد ألكلمه نرفع صوتنا عاليا لنقول لا لسياسة تكميم الأفواه وتقييد حرية ألكلمه ، وغالبية أبناء شعبنا في صف محاربة الاحتلال والوجه الآخر للاحتلال محاربة الفساد ونطالب وضع حد لحواضن الفساد وندعم كل الجهود من اجل إحقاق الحق ومسائلة كل المسئولين والمتسببين بجريمة موت نزار بنات وفي قضايا الفساد جميعها من طعوم وغيرها ونقول لكل الفاسدين موت المرحوم نزار بنات لن يسكت كل الأحرار من الشعب الفلسطيني بمواجهة الاحتلال والفساد والمجاهرة ضد الفاسدين حتى لو كانت حياتنا جميعا معرضه للتعرض والموت من أعداء الحرية ونقولها الفساد هو الوجه الآخر للاحتلال ومحاربة الفساد بمنزلة محاربة الاحتلال
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت