- المحامي علي ابوحبله
يكثر الحديث عن الفيدرالية ضمن مخطط صهيوني للخروج مما يسميه مأزق الانقسام الفلسطيني المقيت، وهو في حقيقته وجوهره مشروع صهيوني يعود ليطرح بديل عن رؤيا الدولتين ونسخه أخرى من صفقة القرن ، الأمر الذي يثير العديد من المخاوف على مستقبل القضية الفلسطينية، إن أي حديث عن الفيدرالية استهداف للقضية الفلسطينية وفصل من فصول محاولات تصفية القضية الفلسطينية وتذويب الهوية الوطنية ، نحن نعيش ضحية نظرية القصور الذاتي( وهو سلوك القادة والنظام والحكومات)؟… فالتاريخ والشواهد تقول بأن هذه المخططات التي تستهدف قضيتنا الفلسطينية قديمة حتى قبل ولادة القادة والحكومات، لكن هذا لا يعفي القادة والحكومات من تحمل المسؤولية كونها لم تدرك المخاطر التي تواجهها من جهة ومن جهة أخرى عدم تعزيز مقومات الصمود للشعب الفلسطيني ، في ظل إدراك الجميع بأن دولة الاحتلال تسعى جاهدة بكل السبل والأدوات للحيلولة دون حصول شعبنا الفلسطيني على حقوقه التاريخية وتقرير مصيره في دولة مستقلة كباقي شعوب العالم، إذا نحن ضحية تلك النظريتين ( نظرية المؤامرة ونظرية القصور الذاتي) بعدم الاستجابة للتحدي في إفشال المخططات الصهيونية ومقاومتها بكل الإمكانيات.
يعتمد الكيان الصهيوني في تنفيذ مخططاته بالاعتماد على لاعبين للقيام بهذا الدور وقد يكون للاعبين إرادة في تلك الرؤية، أو أن يملى عليهم الآليات للقيام بهذا الدور تحقيقاً للرؤية، ونحن في حالتنا هذه وأمام احتلال إسرائيلي يوظف كل الإمكانيات لتحقيق مأربه ومخططاته عبر دراسته لبيئتنا الداخلية وتوظيفها في تحقيق رؤيته وفقاً للدور المطلوب، فهي فرضت الحصار السياسي والاقتصادي وأثرت في بيئتنا الاجتماعية ككل وعززت الانقسام الجغرافي، مما انعكس ذلك على أداء هذا الدور، والذي جعله كممر إجباري يعتقد من خلال ذلك تحقيق الرؤية المطلوبة كمخلص للواقع المعاش دون أن يقصد هو ذلك، ففصل غزه عن الضفة الغربية بالانسحاب الاحادي الجانب 2005 قصد منه تمرير مخطط الفصل الجغرافي وصول لهدف تمرير اتحاد الإمارات الفلسطينية ، ومحاولات فرض شروط اعمار غزه ومحاولات ابعاد الحكومة الفلسطينية أو استثنائها يصب في محاولات تكريس ذلك المخطط وهو عودة الحديث عن الفيدرالية ما يجعلنا نقرع جرس الإنذار ونتساءل عن مخاطر استمرار الانقسام ؟
الذي يعني التجزئة والقضاء نهائياً على وحدة الشعب الفلسطيني وتبديد تضحياته التي قدمها على مذبح الحرية والاستقلال وأمله في إقامة دولته الموحدة، كنقيض لولادة كيانات مسخه مشوهه بدلاً من الهدف المنشود. وهذا يعيدنا الى نيسان عام 2014م ومصطلح اتحاد الإمارات الفلسطينية ، الذي جاء في الاعلام الصهيوني القناة السابعة في تعليق للبروفيسور مردخاي كيدار رئيس قسم الدراسات العربية ورئيس معهد بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان في بئر السبع، حول الانقسام الفلسطيني، تعليقا على اتفاق الشاطئ، والذي ورد على لسانه التالي: ” إن كل المحاولات لإنهاء الانقسام الفلسطيني باءت بالفشل ولم يمر أي عام دون أن يتم فيه لقاء أو اتفاق للمصالحة، ومن المستحيل أن يصمد أي اتفاق بين فتح وحماس لوجود صعوبات عديدة بينهما تتعلق في تقسيم الأموال والمناصب والمؤسسات والوزارات، والخطير في الأمر أنه مطلوب من السلطة بمطالبه حركة حماس بالتخلي عن أسلحتها، لأنه لا يمكن لأي دولة في العالم أن تقبل بوجود جيشين، ولكل طرف من الأطراف له أجندته الخاصة به من حيث الأعداء والأصدقاء ومجالات التعاون، وأن هناك انقسام حقيقي من حيث السيطرة والجغرافيا، وممكن للخروج من هذا كله هو بالاتحاد الفيدرالي وليس المصالحة والوحدة،
وأن أي اتفاق للمصالحة على إسرائيل استغلاله من أجل الانقضاض على قواعد دايتون بحسب ما يطلق على قوات الأمن الفلسطيني ومصادرة أسلحتهم… لماذا؟ لأن حماس تكون جزءاً من النظام الحاكم، ولأن هذه الأسلحة الأمريكية التي زودتهم بها أمريكيا ستتحول إلى حماس، والعالم هنا سيدرك ويفهم قيامنا بهذه الخطوات ويبرر لنا هذا الفعل… إذا أمام إسرائيل حل وحيد لإنهاء هذه المشكلة مرةً واحدة وللأبد وهو إقامة سبع إمارات فلسطينية في يهودا والسامرة ( الضفة الغربية)، إمارة رام الله، وإمارة أريحا، وإمارة نابلس، وإمارة جنين، وإمارة طولكرم، وإمارة قلقيلية، وإمارة الخليل الجزء العربي، وذلك على أساس عشائري وقبلي، بالإضافة إلى الإمارة الأولى المقامة في غزة منذ عام 2007م”. إذا مضمون ما تحدث به كيدار في تلك الحقبه خطير على مستقبل القضية الفلسطينية‘ علاوة على عدم ذكره للقدس أو مستقبلها بالإضافة إلى ذكره إمارة الخليل العربية، ليؤكد من خلال ذلك على تهويد القدس واستمرار الاستيطان وشرعنته، وإنهاء للسلطة الفلسطينية واستبدالها بالعشائر والعائلات، وهنا ونحن نستذكر ذلك وما تقوم به حكومة التغيير من مخطط للتوسع الاستيطاني ومحاولات تكريس فرض الأمر وفصل القدس عن محيطها الجغرافي مما يتطلب اليقظه والحذر من سياسة حكومة لابيد بينت لتمرير مشروع الاتحادات العربية الفلسطينية أن انهاء الانقسام بات ضرورة وطنية مُلحه يجب العمل عليها كأولوية وعلى الجميع تحمل مسؤولياته والنأي عن المصالح الذاتية الضيقة، فالتاريخ لن يرحم أحد وعلينا أن نكون أوفياء للشهداء والأسرى وتضحيات وعذابات شعبنا، والإسراع في وضع وصياغة إستراتيجية وطنية يشارك فيها الجميع، والتأكيد بأننا الأن في مرحلة تحرر وطني من تحت حراب الاحتلال
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت