- بقلم: شاكر فريد حسن
تشير جميع الحقائق والمعطيات إلى فشل اتفاق أوسلو المشؤوم والمشروع التفاوضي، وأثبتت الأحداث المتتالية على امتداد عقدين ونصف وأكثر، إلى أن أوسلو لم يكن سوى خدعة وسراب، ربح فيه الإسرائيليون عامل الزمن، وخسر الفلسطينيون الأرض، وحوصرت القرى والمدن الفلسطينية بالمستوطنات وتحولت لغيتوات، ونجحت المؤسسة الاحتلالية من مفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الفلسطينية، وشق وحدة الشعب الفلسطيني، وفصل شقي البرتقالة الفلسطينية، ولم تعد هناك إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة حتى في حدها الأدنى.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يعد أحد طباخين اتفاق أوسلو مع الإسرائيليين، عجز منذ توليه الحكم وحتى الآن عن تقديم أي انجاز للشعب الفلسطيني من خلال المفاوضات العبثية مع الجانب الإسرائيلي، ومع ذلك لا يزال يتمسك بنهج أوسلو ويصر على العودة للمسار التفاوضي، وهو يتوسل ويستجدي المسؤولين الاسرائيليين كي يقبلوا عقد لقاءات معه، بينما يتواصل الرفض الإسرائيلي من قبل بينيت ولبيد وشاكيد لكل هذه اللقاءات، وسط تأكيدات متوالية بأن الحكومة الحالية لن تعطي عباس أي منجز سياسي. ويبدو أن عباس فقد قيمته كزعيم سياسي، وانتهت صلاحيته لدى المؤسسة الاحتلالية والأطراف العربية ولدى شعبه أيضًا. وكانت القناة 12 العبرية كشفت عن رسالة شديدة اللهجة قدمتها الإدارة الامريكية لعباس تطالبه فيها بتنفيذ إصلاحات في السلطة وتغيير حكومة اشتيه بحكومة جديدة ممثلة للفلسطينيين.
إن ملخص السياسة الإسرائيلية الحالية لا للقاء عباس، ولا تفاوض معه، ولا لقيام دولة فلسطينية مستقلة، ومع تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين. والاحتلال يسعى لابتلاع الأراضي الفلسطينية، وأكثر ما عنده، أن يقدمه للفلسطينيين سوى حكم ذاتي محلي، وتحسين الأحوال المعيشية والاقتصادية، ولا يوجد أي قائد أو مسؤول إسرائيلي على استعداد للتسليم بقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وهذه الحقيقة يعرفها القاصي والداني منذ زمن بعيد، وما تراهن عليه إسرائيل هو المفاوضات لكسب الوقت لأجل تكريس الاحتلال.
لقد فشل محمود عباس في كل سياسته التفريطية، وفقد البوصلة وثقة الجماهير الفلسطينية، ويماطل في اجراء انتخابات فلسطينية عامة، محلية وتشريعية ورئاسية، وإعادة هيكلية منظمة التحرير، ومن يفشل عليه الاستقالة والانسحاب والاعتذار لأبناء شعبه، لكنه لن يفعل ذلك وما زال يتمسك بالمنصب والحكم رغم شيخوخته واخفاقه.
في هذه المرحلة السياسية الخطيرة والعصيبة، شعبنا الفلسطيني يحتاج لقيادة استثنائية جديدة، تتجاوز الانقسام المدمر، وتمثل طموحاته وأهدافه بالحرية والاستقلال، وربما لن تتكرر تلك القيادة التاريخية ممثلة بالزعيم والقائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بغض النظر عما له وما عليه من مآخذ.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت