بالقرب من شاطئ البحر وتحديدًا في المنطقة الفاصلة بين محافظة النصيرات والزوايدة، بمسافة 6 كيلو متر غربًا يقع تل أم عامر- دير القديس هيلاريون والذي يُعد أقدم الأديرة في فلسطين وقد بناه القديس هيلاريون بعد عودته من مصر حيث تتلمذ هناك على يد القديس أنطوني ويُقال أنه أول من أدخل الرهبة إلى بلاد الشام.
يؤكد محمد عبد الجواد مشرف موقع تل أم عامر الأثري أن تاريخ اكتشاف دير القديس هيلاريون في العام 1993 أثناء عملية لتقسيم الأراضي في المنطقة فوجدت بعض المرافق الأثرية لكن الاحتلال الذي كان يُسيطر على القطاع عمد إلى نهب وسرقة كل ما طالته أيديه في الدير.
وقال في حديث لوكالة (APA) :" إن بعض سكان المنطقة كانوا يشهدون على عمليات السرقة والنهب حيث كانت تهبط في منطقة دير أم عامر طائرات الأباتشي عصرًا وتنقل كل ما يتم استخراجه من قطع أثرية في الدير" وأضاف أن ما بقيّ بعض أرضيات الفسيفساء والجدران التي تُعد شاهدًا على الحضارية التاريخية آنذاك.
وبيّن عبد الجواد أن أيادٍ فلسطينية تمكنت قبل أربع سنوات من الآن أن تُعيد إحياء دير القديس هيلاريون والكشف عمّا به من مقتنيات أثرية لافتًا أن وزارة السياحة والآثار تعاونت مع الإغاثة الدولية من أجل إتمام المشروع والكشف عن التطور الحضاري والتاريخي للمكان.
ويضم الموقع الذي زارته (APA) أنقاض دير القديس هيلاريون، وهو عبارة عن كنيستين ومكان للدفن وقاعة للعماد وأخريات للطعام فضلًا عن عدد من المرافق الصحية وصهاريج المياه، وكذلك يضم بعض الأرضيات المصنوعة من الحجر الكلسي والفسيفساء الملونة والمزينة بالرسوم والنقوش النباتية والحيوانية المختلفة والبلاط الرخامي ، فيما بعض الأرضيات تضم نقوش تعود إلى العهد اليوناني، ويوجد به أيضًا حمامات بخارية كبيرة ونافورة بالإضافة إلى الديماس والمصلى وغرف الرهبان والساقية.
وأوضح عبد الجواد أن وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع الإغاثة الأولية الدولية وخبراء فرنسيين أعادوا الحياة للمكان وجعلوا منه مزارًا خاصًا بالفلسطينيين يرتاده الكثير من المواطنين والطلبة خلال الرحلات المدرسية ويتعرفون على التاريخ والحضارة التي كان شاهدًا عليها منذ وقت بنائه.
فريق ترميم
في ساحة الدير كان طارق سكيك وهو خريج تاريخ وآثار من الجامعة الإسلامية، منشغلًا بأعمال الحفر والترميم، أخبرنا أنه انضم إلى فريق الترميم والتطوير في دير القديس هيلاريون بمنطقة أم عامر الأثرية في المحافظة الوسطى خلال يوليو عام 2020 ومازال مستمرًا حتى الآن، يقول سكيك وهو يبلغ من العمر 22 عامًا أن الدير تطور كثيرًا عمّا كان عليه وتمكن الفريق من الكشف عن المزيد من مقتنيات الدير عبر الحفريات في منطقة الرهبان بالإضافة إلى العمل على ترميم الجدران الأثرية وترميم الفسيفساء فضلًا عن اضافة بعض المنشآت الإدارية وسور خارجي وبوابة تُحافظ عليه وتحميه من أي أخطار.
وأضاف في حديثه لـ (APA) أنه تلقى العديد من التدريبات على أيدي خبراء دوليين في العديد من المجالات التي تُنعش وجود الدير وتكشف عن حقبه التاريخية المختلفة سواء في مجال الحفريات أو القص والنحت في الحجر الصخري في منطقة الديماس والرهبان، أو في غسل الفسيفساء وترميمها والحفاظ عليها بالطرق الصحيحة التي تزيد من عمرها وأوضح أن بعض المناطق لم تكن ظاهرة غير آنها الآن حاضرة بقوة.
وكشف أن كل ما تم العثور عليه من أدوات فخارية وزجاجية وسحاتيت ( عملات معدنية) يتم تصنيفها ودراستها وتمحيصها من أجل توضيح تاريخها والحقبة التي وجدت فيها، وأشار أن العديد مما تم الكشف عنه يعود إلى الحقبة البيزنطية في الأراضي الفلسطينية مما يؤكد على أن هذا الدير ثروة تاريخية فلسطينية تدحض الرواية الاستعمارية للاحتلال بأنه صاحب الأرض والتاريخ.