تحليل مجموعة "عرين الأسود" ظاهرة ولدت بفعل حالة الإحباط المتزايد جراء السياسات الإسرائيلية

فلسطينيون يشيعون جثمان الشهيد تامر الكيلاني، الذي استشهد فجر اليوم في البلدة القديمة في مدينة نابلس. 66.jpg

يرى مراقبون فلسطينيون أن "عرين الأسد" وهي جماعة فلسطينية مسلحة ناشئة في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية ظاهرة ولدت بفعل حالة الإحباط المتزايد بين الشباب بالمدينة جراء تصاعد السياسات الإسرائيلية.

وبدأت جماعة "عرين الأسود" نشاطها الميداني قبل عدة شهور في البلدة القديمة من نابلس، حيث تنتشر عشرات الصور لعناصرها الذين قتلوا في تبادل لإطلاق نار مع قوات إسرائيلية ولافتات تكتب على بعض جدران الأزقة الضيقة والقديمة بالبلدة تمجد عمل عناصر الجماعة.

وتبنت الجماعة المسلحة قتل عدد من الجنود الإسرائيليين من خلال تنفيذ عدة هجمات إطلاق نار، كانت آخرها في 11 أكتوبر الجاري في هجوم أسفر عن مقتل جندي إسرائيلي قرب نابلس.

وعلى إثر ذلك، نفذت القوات الإسرائيلية فجر الثلاثاء الماضي عملية عسكرية واسعة النطاق استهدفت مسلحين تابعين لـ "عرين الأسود" في البلدة القديمة وسط مدينة نابلس وصفت بأنها الأصعب منذ أعوام ما أدى لاستشهاد 5 فلسطينيين، من بينهم أحد قادتها وديع حوح (31 عاما).

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان "إن قوة مشتركة تابعة له وجهاز الأمن العام (الشاباك) والوحدة الشرطية الخاصة نفذوا عملية مداهمة على شقة داخل البلدة القديمة في نابلس استخدمت كمختبر لصناعة العبوات الناسفة لنشطاء مركزيين في مجموعة عرين الأسود".

ورغم أن نطاق عمل الجماعة وأفرادها الذين لا يتجاوزون 50 مسلحا على نابلس إلا أنها تلقى اهتماما ومتابعة من شريحة واسعة في قرى وبلدات ومخيمات ومدن الضفة الغربية وكذلك قطاع غزة خاصة فئة الشباب.

ويقول المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء "شينخوا" إن جماعة "عرين الأسود" ظهرت وسط إحباط وغضب متزايد بين الشباب في نابلس بسبب الممارسات المتزايدة من قبل المستوطنين الإسرائيليين والجيش الإسرائيلي سواء في المدينة أو مناطق أخرى من الضفة الغربية.

ويقول هاني المصري مدير مركز (مسارات) للأبحاث والدراسات في مدينة رام الله إن السبب الرئيسي لولادة الظاهرة هو "الإخفاق التام في الحالة الفلسطينية وهناك حاجة لتغيير الوضع في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي بأشكال عديدة خاصة خلال العام الجاري".

وأضاف المصري أن "الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من 180 فلسطينيا الغالبية العظمى منهم في الضفة الغربية عبر اقتحام المدن والقرى والبلدات والمخيمات واعتقل ما يزيد 1500، بالإضافة إلى مصادرة أراض والتغول الاستيطاني واقتحام المسجد الأقصى دون وجود رد فعل من قبل السلطة والفصائل الفلسطينية".

وتابع أن "الجماعة الشبابية حديثة العهد تحدوا الوضع وبادروا برد فعل على الإجراءات الإسرائيلية من خلال تنفيذ سلسلة عمليات، ما أدى لزيادة التأييد الشعبي لهم وتعليق الآمال عليهم بشكل كبير".

وأشار إلى أن الظاهرة تؤكد فكرة أن الشعب الفلسطيني "مصمم على الدفاع عن حقوقه ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي".

وبحسب قناتها على تطبيق "تلغرام" وهو المصدر الوحيد لمعلوماتها منذ أشهر، فإن الجماعة ليست مرتبطة بالفصائل الفلسطينية المسلحة أو السلطة الفلسطينية وليس لها أهداف إلا مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

وتقول دلال عريقات أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي بالجامعة العربية الأمريكية في مدينة رام الله، إن ظهور الشباب "كجناح عسكري دون انتماء سياسي وتحديهم للواقع الصعب هو مثال مشرف للمقاومة الفلسطينية".

وتضيف أن الجماعة أعادت تعريف "المقاومة كحق مشروع للشعب الفلسطيني أسوة بباقي شعوب المجتمع الدولي التي تتمتع بحق الدفاع عن النفس بموجب قرارات الأمم المتحدة التي تضمن للشعب الفلسطيني حق الدفاع عن النفس سواء فرديا أو جماعيا".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد هنأ أجهزة الأمن على نجاح العملية العسكرية في البلدة القديمة قائلا:"إن تصفية وديع حوح، وآخرين تأتي نتيجة نشاط مشترك لأجهزة الأمن وهم، جيش الدفاع وجهاز الأمن العام والوحدة الشرطية الخاصة".

وقال لابيد بحسب بيان صدر عن مكتبه إن إسرائيل "لن تتوانى ولو للحظة واحدة ولن تسمح بوجود تنظيمات إرهابية تعتدي على مواطنين إسرائيليين وعلى جنود جيش الدفاع".

كما توعد وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس في تصريحات صحفية قبل أسبوعين بالقضاء على جماعة "عرين الأسود"، معتبرا نابلس وجنين هما السبب في تعزيز القوات الأمنية والجهود الاستخباراتية في الضفة الغربية.

وفي الصدد اعتبر أشرف العجرمي كاتب ومحلل ووزير فلسطيني سابق نشوء ظاهرة مجموعات فلسطينية مقاتلة يغلب عليها الطابع العلني بتنفيذ سلسلة عمليات خاصة منطقة نابلس كان بمثابة مفاجأة كبيرة في الأوساط الإسرائيلية.

ويقول العجرمي إن ظهور الجماعة أشعل "الضوء الأحمر لدى الأجهزة الأمنية والمستوى السياسي في إسرائيل لأنها تتميز بقدرتها على تجنيد الشارع الفلسطيني في كل مكان والمسألة لم تعد تكمن فيما يستطيع أفراد هذا التشكيل العسكري أن يقوموا به سواء بشكل فردي أو بشكل جماعي".

ويضيف أن الحيرة الإسرائيلية في فهم ومواجهة الجماعة تقابلها حيرة لدى الفصائل الفلسطينية التي هي الأخرى تفاجأت بحجم قوة وتأثير هؤلاء الشبان في الشارع، حيث تحولوا من موضوع للإعجاب إلى نموذج للمحاكاة إلى قوة تأثير هائلة يمكنها أن تحرك الشارع الفلسطيني برمته.

ويتابع "أن إسرائيل تستطيع بجهد استخباراتي مكثف وعمليات اجتياح عسكرية واستخدام وسائل تقنية حديثة أن تصل إلى غالبية أعضاء الجماعة المحصورة العدد ولكن ماذا لو انتشرت الظاهرة وأصبحت في كل مدينة وقرية ومخيم وفي كل حي وزقاق".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله - (شينخوا)