- إعداد / مثقال عجور .. رئيس قسم الصياغة والتدقيق بالمجلس التشريعي
القدس أرض فلسطينية عربية اسلامية وهي تمثل عنوان الصراع مع الاحتلال الصهيوني، وهي بحدودها المعروفة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا يعتد بأي تغيير طرأ أو يطرأ على تلك الحدود بفعل الاحتلال يمس بحقوق الشعب الفلسطيني أو ينتقص منها، حيث تبطل أية إجراءات تضفي الشرعية على تحركات الكيان الصهيوني الخبيثة لتغيير الوضع الديموغرافي والتاريخي والسياسي والقانوني للمدينة المقدسة.
ومن الجدير بالذكر أن نشير إلى إن الوضع القانوني في فلسطين ومدينة القدس على وجه الخصوص-بالمقارنة مع دول العالم-من الأوضاع المعقدة والنادرة في آن واحد. ويعود ذلك إلى تعدد الجهات التي حكمت فلسطين عبر التاريخ، والذي أدى بدوره إلى تنوع الأنظمة القانونية التي سادت فيها. وقد أثر كل ذلك على البناء السياسي والقانوني في فلسطين، إذ أدى تقسيم فلسطين إلى ظهور أنظمة قانونية مركبة ومختلفة في كل من الضفة الغربية وغزة والقدس والأجزاء المحتلة في عام 1948 من فلسطين.
وحتى نهاية الحكم العثماني في عام 1917، كان النظام القانوني في فلسطين مبنيا – بشكل أساسي – على مبادئ الشريعة الإسلامية.
في عام 1917، انتهى الحكم العثماني بقيام الانتداب البريطاني، وقد أعاد هذا الأخير تشكيل النظام القانوني في فلسطين مضيفا إلى التقنين العثماني مبادئ النظام الأنجلوسكسوني (القانون المشترك common law ) القائم على السوابق القضائية.
في عام 1948، أصبحت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية تحت حكم المملكة الأردنية الهاشمية وخضعت للنظام القانوني الأردني المتأثر بالنظام اللاتيني، وأصبح قطاع غزة تحت الإدارة المصرية؛ واستمر نظام القانون المشترك ( common law ) المؤسس في فترة الانتداب البريطاني سائدا فيه.
بعد حرب عام 1967، سيطر الاحتلال الصهيوني على النظام القانوني الفلسطيني من خلال فرض القانون العسكري (الأوامر العسكرية) في منطقتي الضفة الغربية وقطاع غزة، وإخضاع القدس الشرقية للقانون المحلي للمحتل الصهيوني بعد ضمها في عام 1980.
أخيرا، وبموجب إعلان المبادئ لترتيبات المرحلة الانتقالية في عام 1993 ( الذي يعرف باتفاق أوسلو 1) أنشئت السلطة الفلسطينية، وتم انتخاب مجلس تشريعي عام 1996م في الانتخابات الأولى ومن ثم جرت الانتخابات الثانية للمجلس التشريعي في العام 2006م حيث تعد مسألة توحيد وتقريب الأنظمة القانونية المختلفة السائدة في المناطق الفلسطينية من أهم المسائل على الصعيد القانوني، ومنذ العام 1994 يجري سن تشريعات موحدة لكل من محافظات الضفة الغربية وغزة.
وعلى الرغم من صدور العديد من القرارات الدولية بشأن القدس ، لاسيما قرارات مجلس الأمن الدولي ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرارات اليونسكو ؛ إلا إن المشرع الفلسطيني لم يركن إلى هذه القرارات ، فكان لزاماً عليه ومن منطلق الواجب والمسؤولية الدينية والوطنية أن يولي اهتماماً خاصاً بالقضية الأم وجوهر الصراع ، حيث إن المجلس التشريعي الفلسطيني هو مؤسسة فلسطينية سيادية، يضطلع بسن القوانين، وممارسة الرقابة على أداء الحكومة، علاوة على دوره في تعزيز الفكر الديمقراطي والحفاظ على الثوابت الوطنية الفلسطينية ، حيث أولى المشرع الفلسطيني اهتماماً خاصاً بالقضايا الوطنية التي تمثل جوهر الصراع مع العدو الصهيوني، وسن العديد من التشريعات التي تحافظ على هذه الثوابت التي تشكل القدس في مقدمتها ؛ بل إن النظام الداخلي للمجلس التشريعي شكل بموجب المادة (48) منه لجنة دائمة من لجان المجلس تتصدر أولى اللجان في ترتيب المادة تحت مسمى(لجنة القدس)، ومن بين هذه التشريعات التي أقرها المجلس التشريعي والتي تخص مدينة القدس:
· القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003م، يعتبر هذا القانون بمثابة الدستور لدولة فلسطين، وقد نصت المادة (3) منه على" القدس عاصمة فلسطين".
· قانون العاصمة رقم (4) 2002م.
· قانون تحريم وتجريم التنازل عن القدس رقم (2)لسنة 2008م.
· قانون الصندوق الوطني لدعم القدس رقم (6) لسنة 2012م.
· قانون تحصين القدس العاصمة الأبدية لفلسطين رقم (1) لسنة 2018م.
وختاماً فإنه من الواضح إن المجلس التشريعي لم يألُ جهداً في سن التشريعات التي تحافظ على هوية القدس الإسلامية العربية، وتعزز من صمود أهلنا فيها، وبإذن الله يتسع المقام في الأعداد القادمة لتناول أهم الأحكام التي تضمنتها التشريعات الفلسطينية المتعلقة بمدينة.
--
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت