المقاومة تفرض قواعد الاشتباك في الضفة الغربية

بقلم: ميسرة بحر

ميسرة بحر
  • بقلم: ميسرة بحر

ضفة العياش تثور في وجه المحتل من جديد وتسجل تطور نوعي للمقاومة يقضُّ مضاجع العدو ويُربك حساباته ويفرض  عليه التعامل مع قواعد اشتباك جديدة؛ حديثنا هذه المرة ليس عن غزة التي اعتدنا الحديث عنها، بل عن الخاصرة الضعيفة للعدو وكابوسه المظلم، فعلى غير ما يتمنى العدو، المقاومة في الضفة تعيد بناء نفسها سائرة على خطى غزة المحررة، لتضع العدو أمام حالة من التخبط، خشية من تكرر سيناريو غزة.

من زاوية أخرى فإن ما يحدث اليوم في الضفة هو كابوس حقيقي للاحتلال لطالما عمل على تجنبه من خلال ممارس كل أشكال  الإرهاب الوحشي ضد المواطنين في الضفة الغربية، في محاولة لكي وعي الجمهور من خلال هدم البيوت، والاغتيالات، وكل أشكال العقاب الجماعي من إقامة الحواجز، والتفتيش، وإعاقة حركة المواطنين، كما يفرض العدو قبضة أمنية مشددة، ويراقب سلوك، وتحركات، واتصالات، المواطنين، في المقابل يقدم  "الجزرة" من خلال تقديم بعض التسهيلات الاقتصادية للسكان، ويحاول العدو بث كل ما يمكن إن يؤدي إلى تدمير الروح المعنوية والدافعية لدى شباب الضفة، وغيرها من الوسائل التي يسعى العدو من خلالها لتجنب حدوث كابوسه المظلم، وليس إنتهاءً بدور السلطة الفلسطينية التي يحاول العدو أن يبتزها ويضعها في خانة مواجهة المقاومة، ويستخدم كل الوسائل لعدم انحيازها عن مسار أوسلو الذي جعل منها سلطة وظيفية لخدمة أمن الاحتلال، رغم عدم التزام العدو بأهم البنود الملقاة عليه.

رغم كل وسائل القمع والانتهاكات الوحشية التي يستخدمها العدو في سبيل محاربة تطور المقاومة في الضفة إلا أن المقاومة في الضفة تُحرز تقدماً ملحوظاً في بناءها وتنظيمها ووسائلها وخاصة في شمال الضفة الغربية، فقد أصبح لدى المقاومة تشكيلات عسكرية، وبدأت بتصنيع العبوات التي تشكل التهديد الجديد الأخطر على العدو، والتي ظهر تأثيرها بشكل جلي في جنين في صد العملية العسكرية الصهيونية في معركة "بأس جنين" التي لم يستطع العدو فيها من اجتياح مخيم جنين الذي لا تتجاوز مساحته نصف كيلو متر مربع، فقد دفع بـ 1000 جندي مدججين بأحدث الأسلحة، ومحمولين في أحدث المركبات، بغطاء جوي من أحدث الطائرات الحربية بأنواعها، لمواجهة مخيم عدد سكانه قرابة 11,000 مواطن أعزل، تطوع بعض أفراده للدفاع عنه في تشكيلاتٍ عسكرية لا يتجاوز عددها العشرات من المقاتلين الذين لا يملكون إلا بعض الوسائل البدائية، ليصبح مخيم جنين أسطورة للمقاومة، ونموذج يُحتذى به.

في المحصلة فَرضت المقاومة على العدو قواعد اشتباك جديدة، فقد كان يظن أنه يستطيع أن يدخل إلى أي مكان في الضفة ويفعل ما يشاء ويعتقل من يشاء ويغتال من يشاء، دون أي مقاومة أو خسائر تذكر، لكن اليوم يحدث عكس ذلك تماماً، فقد أصبحت المقاومة تزرع العبوات، وتُعد الكمائن، وتشتبك مع قوات العدو، فقد أوقعت المقاومة العديد من الخسائر في صفوف قوات العدو في معركة "بأس جنين"، لكن لم يعترف العدو إلا بمقتل جندي واحد، وأصابت عدد آخر من الجنود، رغم أن الصورة التي خرجت من المخيم، وبيانات المقاومة تفيد أن الحصيلة أكبر من ذلك.

في المقابل اضطر العدو لتغيير وسائله في مواجهة المقاومة، فقد أدخل سلاح الجو في المواجهة بكل أشكاله وأصبح ينفذ عمليات الاغتيال من الجو، وبدأ بتنفيذ عدوانه على شكل عملية عسكرية يضخ لها كل قدراته وإمكانياته العسكرية، بعدما كان يفعل ما يريد دون الاضطرار لاستنزاف قواته.

ومن العوامل المهمة التي تكبل سلوك العدو في الضفة وتضعه أمام قواعد اشتباك جديدة هو خشيته من تدخل غزة في المواجهة التي أصبحت صواريخها تدك كل مدن الكيان، مما يضع للعدو خطوط حمراء يتجنب تجاوزها خشية من تدخل غزة التي أثبتت للجميع أنها حاضرة رغم كل الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها، وقد أثبتت ذلك في معاركها (سيف القدس، ووحدة الساحات، وثأر الأحرار)، والعديد من جولات القتال التي خاضتها دفاعاً عن القضايا الوطنية الكبرى.

وما يقضُّ مضاجع العدو ويربك حساباته أيضاً هي العمليات الفدائية التي تنفذها المقاومة في قلب العدو التي تأتي كرد على جرائم العدو بعد كل حماقة يرتكبها فخلال عدوان الاحتلال على جنين تلقى صفعة قوية في "تل أبيب" بعملية دهس وطعن اعترف العدو بإصابة سبع مستوطنين فيها، ثم عملية نوعية في كدوميم في منطقة قريبة من منزل المتطرف الصهيوني ووزير مالية العدو سموتريتش قتل فيها مغتصب، وتبنتها كتائب القسام في تحدٍ واضح للعدو.  

في الختام فإن مشروع المقاومة مستمر في التقدم والصعود والتفوق على العدو بإرادة مقاتلين يحملون عقيدة راسخة، وبحاضنة شعبية تؤمن بمشروع المقاومة والتحرير، في المقابل فإن العدو في حالة تخبط وردات فعل، لكن بإذن الله ستتحرر الضفة مثلما تحررت غزة، لتنطلق المقاومة بعدها بعون الله لتحرير كل فلسطين.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت