قالت مؤسستان فلسطينيتان، إن إسرائيل تمارس "العزل والتجويع والإهمال الطبي" بحق الأسرى الفلسطينيين في سجونها، ضمن إجراءات "انتقامية وتنكيلية غير مسبوقة" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
جاء ذلك في إحاطة عن واقع الأسرى ضمن تقرير مشترك صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني (أهلي)، يلخص شهادات عدد من الأسرى خلال زيارات من قبل محاميهم منذ مطلع فبراير/ شباط الجاري.
وأوضحت المؤسستان أن "أكثر من 9 آلاف أسير وأسيرة يواجهون منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم، إجراءات انتقامية وتنكيلية غير مسبوقة مست مصيرهم".
وأشارت إلى أن تلك الإجراءات "متمثلة في عمليات تعذيب وتنكيل ممنهجة، تهدف في جوهرها إلى سلبهم إنسانيتهم، وحرمانهم من أدنى حقوقهم".
وتناول التقرير "سياسة العزل والتجويع" التي تمارس ضد الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، موضحا أن تلك السياسة "بمستوياتها المختلفة تشكّل إحدى أخطر السياسات التي تصاعدت بوتيرة غير مسبوقة على الأسرى بشكل جماعي".
وأضاف: "العزل أصبح يتخذ مفهوما آخر بالنسبة للأسرى بعد السابع من أكتوبر، خاصّة بعد أنّ جردتهم إدارة السّجون من أبسط الأدوات ووسائل التواصل مع العالم الخارجي، كالتلفاز وزيارة العائلة، إضافة إلى أن العديد من أقسام الأسرى تم مصادرة الراديو منها، ولم يتبق لهم كوسيلة تواصل سوى زيارة المحامي".
وتحدثت الهيئة والنادي عن قيام إدارة سجن جلبوع (شمالي إسرائيل) بوضع خط أزرق أمام زنازين الأسرى "يُمنع الاقتراب منه أو تجاوزه، ومن يتجاوزه يتعرض للتّنكيل والضّرب".
وأوضحت المؤسستان أن إدارة السجن تهدف من ذلك الإجراء إلى "حرمان الأسرى من التواصل فيما بينهم بالصوت".
وعن سياسة تقييد الأسرى خلال الزيارة، أوضحت المؤسستان أن "إدارة السّجون تتعمد إحضار الأسرى وهم مقيدو الأيدي إلى الخلف، ومقيدو الأرجل، إضافة إلى وجود عصبة سوداء على الأعين، تزال بعد دخول غرفة الزيارة وإغلاق الباب".
وتحدث تقرير المؤسستين عن معاناة الأسرى من "سياسة التجويع التي زادت حدتها مع تقليص وجبات الطعام بعد السابع من أكتوبر".
وأضاف التقرير أن "الأسرى في مختلف السّجون يعانون من سوء التغذية (...)، إلى جانب توفير مياه غير صالحة للشرب تحتوي على نسبة كبيرة من الكلس والصدأ".
ووفق المؤسستين، يتم تقديم وجبات طعام لعشرة أو 12 أسيرا "لا تكفي في واقع الأمر لأسيرين"، في حين قوبلت احتجاجات الأسرى في سجن مجِدّو (شمال) بإدخال "وحدة خاصة مع الكلاب لضربهم ومعاقبهم، وبعد الانتهاء من عملية الاعتداء قاموا بنقلهم وتوزيعهم على بقية الأقسام".
وتطرق التقرير إلى "جرائم طبيّة" بحق المسجونين، مشيرا إلى "استشهاد المعتقل الإداري محمد الصبار (الخميس) في سجن عوفر (وسط الضفة) جرّاء تعرضه لجريمة طبيّة".
وأشار إلى "ظروف احتجاز قاسية وسوء تغذية، وانعدام المتابعة الطبيّة اللازمة والضرورية للمئات من الأسرى المرضى".
ولفت إلى أن الأسرى في بعض السجون "حصلوا على مقص للأظافر بعد نحو أربعة أشهر"، بينما ما يزال بعض المعتقلين الجدد منذ أشهر، يرتدون الملابس نفسها التي دخلوا بها إلى السجون، وفق التقرير.
وفي ضوء استمرار الانتهاكات الاسرائيلية بحقّ الأسرى والأسيرات، طالبت الهيئة والنادي "كافة المؤسسات الحقوقية بمستوياتها المختلفة بضرورة التدخل الحقيقي والضغط من أجل وقف الجرائم التي تنفذها إدارة السّجون بحق الأسرى وتحديدًا بعد السابع من أكتوبر".
وأوضحتا أن تلك "الانتهاكات والجرائم تصاعدت بشكل غير مسبوق، وأدت إلى استشهاد 8 أسرى على الأقل".
ومع بدء الحرب المدمرة على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، صعدت إسرائيل عملياتها بالضفة مخلفة 393 قتيلا ونحو 4 آلاف و450 مصابا، وفق بيان وزارة الصحة الفلسطينية مساء الاثنين، إضافة إلى أكثر من 6985 معتقلا وفق الهيئة والنادي.
وخلفت الحرب حتى الاثنين 28 ألفا و340 قتيلا و67 ألفا و984 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض في غزة، وفق بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى محاكمة إسرائيل بتهمة جرائم إبادة لأول مرة منذ تأسيسها.