حذّر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من تصاعد كارثة صحية وبيئية غير مسبوقة تهدد حياة أكثر من 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة، بسبب تراكم مئات آلاف الأطنان من النفايات في المناطق السكنية ومراكز الإيواء، وسط انهيار كامل في نظام إدارة النفايات، وتعمد الاحتلال الإسرائيلي منع ترحيلها أو معالجتها.

وقال المركز، في بيان وصل وكالة قدس نت للأنباء نسخة عنه، إن قطاع غزة يشهد حاليًا واحدة من أخطر الكوارث البيئية في تاريخه، بفعل تدمير البنية التحتية الحيوية بنسبة تفوق 80%، بما في ذلك شبكات الصرف الصحي ومرافق إدارة النفايات، الأمر الذي أدى إلى تحويل المدن والمخيمات إلى مكبات مفتوحة تحاصرها الروائح الكريهة والحشرات والقوارض، في بيئة تفتقر تمامًا إلى شروط السلامة والنظافة.

النفايات كسلاح ضمن استراتيجية الإبادة

وأكد المركز أن الاحتلال، ومنذ بدء عدوانه على غزة قبل 18 شهرًا، يستخدم التلوث البيئي كأداة من أدوات الحرب القذرة، محولًا مناطق النزوح المكتظة إلى بؤر صحية موبوءة تهدد الحياة، في سلوك يتعارض مع القانون الدولي، ويُعد انتهاكًا واضحًا للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تجرّم إخضاع جماعة ما لظروف معيشية تهدف إلى تدميرها كليًا أو جزئيًا.

مكبات عشوائية تهدد الحياة في قلب المدينة

ووفقًا لتقارير ميدانية، تحولت مناطق مركزية مثل "سوق فراس" و"اليرموك" في مدينة غزة إلى أكبر تجمعات نفايات، مع تراكم ما يزيد عن 130 ألف طن من النفايات فيها. وقد حذرت بلدية غزة من تحول هذه المكبات إلى مصدر مباشر لتفشي الأمراض، وسط شح المياه وانعدام وسائل التعقيم، وتسرب العصارة السامة إلى الخزان الجوفي الذي يعتمد عليه السكان كمصدر شبه وحيد للمياه.

الاحتلال يعرقل ترحيل النفايات ويقصف المكبات المركزية

قال م. طارق الهباش، المدير التنفيذي لمجلس إدارة النفايات في محافظات الجنوب، إن الاحتلال يمنع طواقم إدارة النفايات من الوصول إلى مكبّي الفخاري وجحر الديك، حيث تعرض المكب الرئيسي في الفخاري للقصف المباشر، ما أدى إلى تدمير كامل لمعداته ومرافقه التشغيلية، بما في ذلك الجرافات والورش وغرف التخزين.

وأضاف الهباش أن المجلس لم يعد يمتلك سوى 6 شاحنات صالحة للعمل من أصل 20، في ظل استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال الوقود وقطع الغيار ومواد التعقيم، ما أدى إلى تراكم نحو 500 ألف طن من النفايات في أكثر من 200 نقطة عشوائية، معظمها داخل مناطق مكتظة بالنازحين.

المخلفات الطبية خطر إضافي

تفاقمت الأزمة مع انهيار نظام إدارة النفايات الطبية، حيث باتت المخلفات الخطرة تتكدس في المستشفيات والمراكز الصحية دون فرز أو معالجة، وسط غياب وسائل التعقيم أو الحرق الآمن. وتقدّر كمية النفايات الطبية المتراكمة بما يزيد عن 25 طناً شهرياً، في حين لا تستطيع الطواقم المختصة التخلص سوى من 10 أطنان شهريًا.

وأوضح المركز أن هذه المخلفات تتضمن ملوثات كيميائية وأدوات حادة تشكل تهديدًا حقيقيًا بتفشي أمراض معدية مثل التهاب الكبد الفيروسي، في بيئة صحية مدمّرة تفتقر إلى الحد الأدنى من الإمكانيات.

نداء عاجل للمجتمع الدولي

وجه المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان نداءً إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، محذرًا من إبادة صحية وبيئية تهدد حياة أكثر من 2 مليون فلسطيني، وداعيًا إلى: الضغط على إسرائيل لوقف العدوان فورًا وفتح المعابر. السماح بإدخال معدات إدارة النفايات، بما في ذلك الوقود، الحاويات، الشاحنات، معدات التعقيم وقطع الغيار. إجبار الاحتلال على احترام مسؤولياته كقوة احتلال بموجب القانون الدولي، لا سيما المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.

وأكد المركز أن ما يجري في غزة يتجاوز حدود الكارثة الإنسانية إلى جريمة ممنهجة تهدف إلى جعل القطاع غير قابل للعيش، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي وتجاهل متعمد لأوامر محكمة العدل الدولية.