مسؤول فلسطينيّ: "أوصلنا صورة واضحة لبلير أن هناك قضايا موضوعية لا يمكن حلّها من دون دور أساسيّ للسلطة الفلسطينية"
طاهر النونو: استبعاد توني بلير من مجلس السلام المقترح لشؤون غزة خطوة إيجابية
أفادت صحيفة "فايننشال تايمز"، يوم الاثنين 8 ديسمبر/كانون الأول 2025، عن استبعاد توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق من قائمة عضوية مجلس السلام الذي اقترحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تولي إدارة قطاع غزة.
ونقلت "فايننشال تايمز " في تقرير جديد لها عن مصادر قولها :"توني بلير لن يكون عضوا في مجلس السلام وذلك بعد اعتراضات من عدد من الدول العربية والإسلامية."
وكان توني بلير هو الشخص الوحيد الذي تم تحديده في المجلس عندما كشف الرئيس الأميركي عن خطته المكونة من 20 نقطة لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس في أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي.
وفي ذلك الوقت، وصف بلير خطة ترامب بأنها "جريئة وذكية".
ويرجع استبعاد توني بلير إلى الضرر الذي لحق بسمعته في الشرق الأوسط نتيجة دعمه القوي للغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003. كما أن هناك مخاوف من تهميش الفلسطينيين من هيكل الحكم.
وسبق واعترف ترامب نفسه بأنه قد تكون هناك معارضة لتعيين بلير في أكتوبر/ تشرين الأول، قائلاً: "لقد أحببت توني دائمًا، لكنني أريد أن أتأكد من أنه خيار مقبول للجميع".
وكان بلير، الذي عمل مبعوثاً للشرق الأوسط بعد مغادرته داونينج ستريت في عام 2007، يعمل على خطط بشأن غزة منذ أكثر من عام بصفة فردية، مستخدماً معهد توني بلير لصياغة أفكاره. ونسق توني بلير مع جاريد كوشنر، صهر ترامب ومبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط خلال فترة الولاية الأولى للرئيس.
ورفض مكتب بلير التعليق، لكن أحد حلفاء توني بلير صرّح بأن رئيس الوزراء السابق لن يكون عضوًا في مجلس السلام.
وأضاف: "سيتكون هذا المجلس من قادة عالميين في الخدمة، وسيكون هناك مجلس تنفيذي أصغر تابع له".
ومن المتوقع أن يجلس توني بلير في اللجنة التنفيذية إلى جانب كوشنر ومستشار ترامب ستيف ويتكوف، إلى جانب مسؤولين كبار من دول عربية وغربية، بحسب حليف بلير.
وقال شخص آخر مطلع على المناقشات إن بلير ربما لا يزال يحتفظ بمنصب في هياكل الحكم المستقبلية في غزة.
وأضاف: "لا يزال بإمكانه الاضطلاع بدور مختلف، وهذا يبدو مرجحًا. الأميركيون يحبونه، والإسرائيليون يحبونه".
ومع ذلك، قال ترامب إن تنفيذ خطته يسير على ما يرام، وأن الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة غزة سيحدث قريبا جدا، ملمحًا إلى أن الإعلان عن تشكيل المجلس قد يكون وشيكًا.
وفي إطار هيكل الحكم في غزة بعد الحرب، من المقرر إنشاء لجنة تنفيذية برئاسة المبعوث السابق للأمم المتحدة ووزير الدفاع البلغاري نيكولاي ملادينوف، بحسب شخصين مطلعين على الاستعدادات.
ومن المتوقع أن تقوم اللجنة التنفيذية، التي لم يتم ذكرها في خطط غزة، بالتنسيق بين مجلس السلام ولجنة تكنوقراطية فلسطينية مكلفة بإدارة الشؤون اليومية للقطاع.
ويبدو أن دور ملادينوف مماثل للوظائف التي تم اقتراحها في البداية لبلير، والتي تضمنت العمل كسلطة تنفيذية عليا، أي إدارة هيئة كان من المفترض أن تشرف على عملية الانتقال بعد الحرب في غزة بحسب الصحيفة.
ولا يزال جزء كبير من خطة ما بعد الحرب لغزة غير محدد. ولا يوجد وضوح يُذكر بشأن تشكيل اللجنة التكنوقراطية الفلسطينية أو قوة الاستقرار الدولية المسؤولة عن الأمن.
وكانت خطة السلام في غزة، التي طرحها البيت الأبيض، قد أدرجت اسم بلير كعضو في المجلس المقترح.
وقوبلت فكرة تعيين بلير في مجلس السلام بحالة من عدم التصديق بين السياسيين والمحلّلين الفلسطينيين، وبين أعضاء حزب العمال الذي ينتمي إليه بلير في بريطانيا، نظرًا لتضرّر سمعته بسبب قراره دعم غزو العراق عام 2003.
واعتبر القيادي في حركة "حماس"، طاهر النونو، استبعاد رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، من مجلس السلام المقترح لشؤون غزة خطوة إيجابية.
وأشار النونو إلى أن حماس طلبت من الوسطاء استبعاد بلير بسبب انحيازه الواضح لصالح الاحتلال الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بالهدنة، أوضح النونو أن حماس مستعدة لهدنة طويلة الأمد بشرط أن يلتزم الاحتلال بوقف إطلاق النار.
كما أكد النونو على موقف حماس الثابت برفض أي محاولة دولية لنزع سلاح المقاومة بالقوة، مشدداً على أن هذا الأمر لم يُناقش مطلقاً.
وأضاف أن الحركة لم تتلقَ رؤية واضحة بشأن تشكيل القوة الدولية ومهامها في غزة، مشيراً إلى أن أي دولة لن تقبل المشاركة في قوة تهدف إلى نزع سلاح غزة بالإكراه.
وفيما يتعلق بإدارة قطاع غزة، أعلن النونو استعداد حماس لتسليم الإدارة إلى لجنة وطنية مستقلة من التكنوقراط، وهو مقترح مصري جاء بعد رفض السلطة الفلسطينية تسلم القطاع.
كما أكد أن سلاح المقاومة سيكون جزءاً من سلاح الدولة الفلسطينية بعد إقامتها، محذراً من أطماع نتنياهو التي تتجاوز حدود فلسطين وتهدد دول المنطقة.
من جانبها ، كشفت صحيفة "العربي الجديد" بأن السلطة الفلسطينية أبلغت رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، والمسؤولين الأميركيين أن أي جسم سيتشكل في قطاع غزة دون علاقة عضوية مع الحكومة الفلسطينية والسلطة، "لن يستطيع أن يعيش"، فيما لم يعرض بلير أي تصوّر أو عرض بشأن دور السلطة في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار.
ونقلت "العربي الجديد" عبر موقعها الإلكترونيّ، عن مسؤول فلسطينيّ، لم تسمّه قوله: "لقد أوصلنا صورة واضحة لبلير في لقائه الأخير في رام الله، أن هناك قضايا موضوعية، لا يمكن حلّها من دون دور أساسيّ للسلطة الفلسطينية".
وأضاف أنّ "ملفات مثل سجلّ السكان المدنيّ، بكل ما فيه من وثائق ولادة ووفاة وجواز سفر وغيرها، والتربية والتعليم، والنظام البنكيّ؛ كلها قضايا مرتبطة مع السلطة".
وفي الصّدد ذاته، تساءل المسؤول الفلسطيني: "لذلك كيف سيكون هناك جسم في قطاع غزة، ليس له علاقة مع السلطة الفلسطينية كما تطلب إسرائيل؟".
وذكر المسؤول أن "بلير ردّ بأن ما تقوله القيادة الفلسطينية هو أمر واقعيّ، لكن ليس لديه أي تصوّر أو عرض بشأن دور السلطة في قطاع غزة في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار".
وأضاف: "لقد سمع منا، وذهب للقاء المسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي".
وبشأن إذا ما جرى الحديث مع القيادة الفلسطينية حول دور للسيطرة على مناطق معينة في قطاع غزة، أكد المسؤول أن "بلير لم يتحدث معنا (مع السلطة الفسطينية) عن دور في مناطق معيّنة في قطاع غزة، وهذه المعلومات رأيناها منشورة في الإعلام الإسرائيلي".
وقال: "لقد أكدنا لتوني لبلير أننا جاهزون لكل شيء، وتحديدا في المجال الأمنيّ والشرطيّ، حيث يوجد لدينا مئات من عناصر الأمن التي تدربت في مصر، العام الماضي، بانتظار أن تدخل قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، وهي جاهزة الآن لمباشرة عملها على الأرض".
وذكر المسؤول الفلسطينيّ أن "الولايات المتحدة تريد أن تعطي السلطة الفلسطينية دورا، لكن ما هو الدور وكيف ومتى، لا نعلم على وجه التحديد".
ولفت إلى أن الإدارة الأميركية "تصطدم مع رغبة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الرافض تماما أي دور للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة".
وقال المسؤول ذاته: "نعتقد أنه لن يكون هناك إجابة واضحة بشأن دور السلطة في قطاع غزة إلا بعد لقاء نتنياهو مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نهاية الشهر الجاري، في الولايات المتحدة الأميركية"، لافتا إلى أنه "حتّى ذلك الوقت، لن يكون هناك أي شيء واضح بشأن الموافقة على دور للسلطة في قطاع غزة، أو دور اللجنة الإدارية في قطاع غزة التي تطرح السلطة الفلسطينية أن تكون مسؤولة عنها، ومن خلالها تؤدي وظيفتها كسلطة على الأرض في قطاع غزة".
بدوره، قال مصدر فلسطيني آخر وصفه تقرير "العربي الجديد" بالمطّلع، إن "الأميركيين يعرفون أنه لا بدّ من الاستعانة بالسلطة للشؤون الشرطية والخدماتية، وفي الوقت ذاته لا يريدون التعامل مع السلطة، بناء على قائمة الإصلاحات التي تطلبها أميركا من جهة، ورفض إسرائيل من جهة ثانية".
وأضاف المصدر أن "إسرائيل والأميركيين يرفضون عودة السلطة للعب دور سياسيّ واضح، وله امتداد إداري وتنظيمي".
غير أنه أشار إلى أنه "ربما سيكون هناك حديث لاحقا عن دور أقلّ، وهو دور خدماتيّ، لتسهيل بعض الأمور الخدماتيّة في قطاع غزة فقط".
