مصادر في "حماس": تعويل على تغيير تفكير الإدارة الأميركية بشأن السلاح
قيادي في "حماس" يحذر من انهيار اتفاق غزة: "بات في مهب الريح"
كشفت مصادر في حركة "حماس"، يوم الثلاثاء 16ديسمبر/كانون الأول 2025، عن توجه لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة، بحضور وفد من إسرائيل وآخر من الجانب الأميركي، بهدف المضي قدماً في تنفيذ خطة ترامب الرامية إلى تحقيق الاستقرار في قطاع غزة.
وحسب مصادر تحدثت لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية تسعى "حماس" لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة في مصر أو قطر، خلال الفترة المقبلة، في ظل الاتصالات والمحادثات المستمرة مع الوسطاء بشأن الوضع في قطاع غزة، وتطورات الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، بما يضمن إمكانية أن تنفذ هذه المرحلة بسلاسة.
إلى ذلك، لم تقنع التصريحات الأميركية حيال عملية إسرائيل الأخيرة في قطاع غزة، والتي كان هدفها اغتيال القيادي البارز في "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس"، رائد سعد، الحركة الفلسطينية حول معرفتها بالهجوم من عدمه، وحتى عدّها خرقاً لوقف إطلاق النار من عدمه.
من جانبه، القيادي في حركة "حماس" وعضو الوفد المفاوض، الدكتور غازي حمد، يوم الثلاثاء، أن "الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خروقات واسعة ومتعمدة لاتفاق وقف إطلاق النار، الموقع 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، ما يفرض على الوسطاء المصريين والقطريين والأمريكيين التدخل لمنع انهياره".
وقال حمد في حديث صحفي، إن الاتفاق مضى على دخوله حيز التنفيذ 66 يوما، وشدد على أن نصوصه "واضحة ومفصلة ولا تحتمل أي لبس، غير أن الاحتلال يتلاعب ببنود الاتفاق ولم يترك بندا واحدا إلا وخرقه أو التفّ عليه".
وأوضح أن حركة "حماس" التزمت التزاما كاملا ببنود الاتفاق منذ اليوم الأول، مؤكدا أن الوسطاء الذين تابعوا التطورات الميدانية في قطاع غزة يشهدون بعدم تسجيل أي خرق من جانب الحركة طوال فترة سريان الاتفاق.
واتهم حمد "حكومة الاحتلال وجيشه بارتكاب خروقات متكررة ومخططة"، معتبرا أن"تكرارها يدل على أنها صادرة بقرارات رسمية، وليست حوادث فردية”، لافتا إلى أن “هذه الخروقات شملت عمليات قتل وإعدام ميداني، وإطلاق نار على المواطنين، وقصفا واستهدافات واغتيالات داخل قطاع غزة".
وأشار إلى "تجاوز قوات الاحتلال الخط الأصفر بمسافات كبيرة، إضافة إلى خروقات واسعة في ملف المساعدات الإنسانية، وإغلاق معبر رفح، ومنع إدخال المعدات اللازمة، ما فاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع".
وجدد حمد التأكيد على أن "هذه الخروقات الفاضحة تشكل انتهاكا صريحا للاتفاق، وتضع الوسطاء والمجتمع الدولي أمام مسؤولياتهم في ضمان تنفيذه ومنع انهياره” ، كاشفا عن أن “عدد الخروقات منذ بدء الاتفاق تجاوز 813 خرقا، بمعدل يقارب 25 خرقا يوميا، واصفا ذلك بأنه “أمر خطير جدا” يهدد استمرارية الاتفاق".
وأضاف أن "الحركة تتابع هذه الخروقات بشكل دائم، وأعدت تقارير مفصلة جرى تسليمها للوسطاء بشكل يومي، كما وصلت إلى الغرفة المشتركة التي تضم الأطراف المعنية بمتابعة تنفيذ الاتفاق"، لافتا إلى أن “الاحتلال ضرب بعرض الحائط كل الأدلة الدامغة” التي تثبت ارتكابه الخروقات، بل تعمد تصعيدها والإعلان صراحة عن استمراره في تنفيذ عمليات اغتيال واعتقال وقتل واستهداف في قطاع غزة، من دون أي رادع”.
وحذر حمد من أن "هذه الخروقات المتعمدة والواضحة تهدد الاتفاق بشكل كبير وتجعله يترنح”، داعيا الوسطاء وجميع الأطراف المعنية باستمرار وقف إطلاق النار إلى التحرك العاجل لردع الاحتلال ومنع انهيار الاتفاق، الذي بات “في مهب الريح".
وأشار إلى"وجود اتفاق سابق بين الأطراف على تشكيل لجنة خاصة لمعالجة الخروقات، تقوم بإبلاغ الوسطاء بكل خرق فور وقوعه والعمل على معالجته، بما يضمن عدم لجوء أي طرف إلى إجراءات أحادية”، مؤكدا أن “تجاهل الاحتلال لهذا المسار يزيد من تعقيد الوضع ويقوض فرص استمرار وقف إطلاق النار".
وحسب مصادر "حماس"، تحدثت لـ"الشرق الأوسط"، فإن التصريحات الأميركية المتناقضة إزاء عملية اغتيال رائد سعد، لا يمكن عدّها "صك براءة" أو أنها مبرر معقول لذلك، مشيرةً إلى أن قيادة الحركة ترى باستمرار أن الولايات المتحدة توفر غطاءً لإسرائيل من خلال التبرير المستمر لخروقاتها بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ووفقا لتلك المصادر، فإن المحادثات مستمرة ما بين الوسطاء وقيادة الحركة، سواء من خلال عقد لقاءات مباشرة ما بين بعض أطراف الوسطاء، والوفد المفاوض، أو من خلال اتصالات تجري معهم، مشيرةً إلى أنه عقدت لقاءات في القاهرة والدوحة وإسطنبول، إما بحضور ثنائي أو ثلاثي للوسطاء، وفي بعض الأحيان مع طرف واحد منهم، وجميعها تتم بالتنسيق مع جميع الوسطاء وبعلمهم وضمن تنسيق متكامل فيما بينهم.
وبيَّنت المصادر، أن هناك سعياً واضحاً لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة بحضور وفد من إسرائيل، وكذلك من الجانب الأميركي، بما يدعم إمكانية الضغط على الجانب الإسرائيلي، من قِبل إدارة الرئيس دونالد ترامب؛ بهدف المضي قدماً في تنفيذ خطته الرامية لتحقيق الاستقرار بشكل أساسي.
ولفتت المصادر إلى أن الاتصالات لا تركز فقط على قضية سلاح المقاومة، بل أيضاً على الكثير من القضايا، منها ما يتعلق بملف الإعمار، واليوم التالي بشأن حكم القطاع ومهام لجنة التكنوقراط، وكذلك ملف فتح معبر رفح، ورفع الحصار بالكامل والانسحاب من القطاع، وملف القوة الدولية، مؤكدةً أن ملف خروج قيادات "حماس" إلى خارج قطاع غزة لم يكن ضمن الحوارات التي جرت، ولن يكون هذا الأمر في نطاق ذلك.
وأشارت المصادر إلى أن الاتصالات الحالية لا تعبّر عن حالة جمود في المفاوضات، مبينةً أن هناك أفكاراً كثيرة يتم تبادلها مع مختلف الأطراف بشأن مصير القضايا المهمة فيما يتعلق بقطاع غزة، كما أن هناك اتصالات فلسطينية داخلية ما بين قيادة "حماس" والفصائل الفلسطينية باستمرار، والمساعي تتضاعف من أجل عقد جلسة حوار وطني في القاهرة خلال الفترة المقبلة.
ورجحت أن تكون نهاية هذا الشهر أو بداية الشهر المقبل، تحركات أوسع فيما يتعلق بواقع قطاع غزة.
ورداً على سؤال، فيما إذا كانت "حماس" تنتظر أي خطوة أميركية جديدة بشأن المرحلة الثانية؟ أوضحت المصادر لـ"الشرق الأوسط"، أن الاتصالات والتحركات الأميركية مستمرة بشكل دائم، وأن هناك رسائل تُنقل عبر الوسطاء من قِبل إدارة ترامب، بشأن ضمان نجاح الاتصالات الحالية، ومحاولة التوصل إلى اتفاق ضمني يضمن تسهيل وتسريع جولات المفاوضات، من خلال البحث في الكثير من الأفكار والمقترحات التي يمكن أن تسهّل العملية المتعلقة بقضايا سلاح المقاومة والقوة الدولية وحكم القطاع.
وأكدت المصادر، انفتاح الحركة بالتوافق مع الفصائل الفلسطينية، على كل المقترحات التي يمكن أن تكون "عادلة" وتمنح الفلسطينيين حقوقاً واضحة بشأن مستقبلهم بما لا يسمح لأي طرف بوضع يده كجهة "انتداب" أو احتلال بطريقة أخرى، أو منح إسرائيل أي فرصة للاستفراد بالنشطاء والقيادات من خلال تثبيت قواعد إطلاق نار جديدة، أو رفضها استكمال عملية الانسحاب كما هو متفق عليه، والتحكم بكل مقومات حياة الفلسطينيين.
وفيما يتعلق بما أثير بشأن قضية تولي المبعوث الأممي السابق للشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، المجلس التنفيذي لما يعرف بـ"مجلس السلام" الذي سيعلن ترامب لاحقاً تشكيله، قالت المصادر إن قيادة "حماس" لم يصلها أي شيء يؤكد ذلك، ولكن هناك الكثير من الأسماء المتداولة بعد استبعاد توني بلير من مهمته، مشيرة إلى أن الحركة خاضت في الكثير من الفترات اتصالات وعقدت لقاءات مع ميلادينوف داخل قطاع غزة وخارجه حين كان مبعوثاً للأمم المتحدة ويتوسط ما بين الحركة وإسرائيل، خاصةً خلال فترة الحصار ومسيرات العودة ما بين عامي 2017 و2019، وهو يعرف مطالب الحركة جيداً؛ ولذلك لا مشكلة للحركة في التعامل معه ما دام هناك إجماع وطني وعربي وإسلامي ودولي على هويته ودوره الذي يجب أن يحقق أيضاً للفلسطينيين حقوقهم وألا يستثنيهم من ذلك.
ويبدو أن "حماس" تعول على تغيير واقع تفكير الإدارة الأميركية، بشأن سلاحها، من خلال البحث عن بعض المقترحات التي طرحتها وطرحها وسطاء حول إمكانية تجميد استخدام السلاح، أو تسليمه لجهة يتم الاتفاق عليها، من دون المساس به.
وينبع هذا التعويل، من استراتيجية الأمن القومي الأميركي، التي تصنف الشرق الأوسط منطقة شراكة لا التزام عسكرياً طويلاً، بما يشير إلى أن الولايات المتحدة تحت حكم ترامب، منفتحة على أن أعداءها يمكن أن تكون لهم الفرصة في حال أثبتوا قدرتهم على أن يصبحوا شركاء نافذين لها بمنطقة الشرق الأوسط، وأنه لا يهمها من يحكم، إنما يهمها الشراكة المجدية فقط.
وتعلق مصادر الحركة بالقول إنها منفتحة للتعامل مع الجميع بما يخدم القضية الفلسطينية، وتركز حالياً على توسيع علاقاتها في المنطقة.
